للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تأدبا. بعد أن سردت هذه الواقعة وعبرت تعبيراً قوياً عما سبب غضبها وأثار اشمئزازها طلبت كوبا من الماء وشربته، وأفاقت من غيبوبة التنويم المغناطيسي وكوب الماء على شفتيها. ومنذ هذه الجلسة زال خوفها من الماء وبالمثل اختفت كل أعراضها الهستيرية والقليل الذي بقي كان عضوي المنشأ.

انتهى (بروير) من هذه الحالة إلى نتيجتين: الأولى، وهي خاصة بالناحية العلية، ومجملها أن بعض الأعراض المرضية سببها ذكريات لا يستطيع الشخص استحضارها إراديا. . أي أنها على أنها ذكريات لا شعورية. الثانية، وتتعلق بالطريقة العلاجية، وهي تبين أن مجرد استكمال الذكرى المؤلمة المنسية في الشعور مع التصريف الانفعالي يؤديان إلى الشفاء. وقد قام التحليل النفسي على هاتين النتيجتين اللتين توصل إليهما (بروير) إذ اتخذ منهما (فرويد) بداية في أبحاثه في (العصاب العظيم) وهو الهستيريا. ففي عام ١٨٩٥ ظهر لهما هما الاثنان بعنوان (دراسات في الهستيريا).

في هذا الكتاب أتى (فرويد) بآراء جديده على جانب من العمق فأظهر أن الهستيريا مرض نفسي يمتاز بضيق في ميدان الشعور. وكان (جانيه) يرجع ذلك الضيق إلى أسباب عضويه. . أما (فرويد) فإن كان لم يستبعد تلك الأسباب كليه إلا إنه أعلن أنها لا تعد تعليلا كافيا. ففي نظر (فريد) أن فشل بعض التصورات في شق طريقها الى الشعور إنما يرجع إلى استبعادها نتيجة لانعكاس دفاعي، فهذه التحولات محملة بشحنه مؤلمة لتعارضها مع الميول الرئيسية الموجودة في الشعور. ولذلك فإنها تكبت ومن ثم فالهستيريا تقوم على الكبت. وهذه أول إضافة فرويد إلى آراء (بابنسكي) و (جانيه).

لقد اتفق (فرويد) مع (جانيه) على أن علة الاضطراب الهستيري هي التأثير اللاشعوري، ولكن فيما عدا ذلك فإنه يوجد تباين شديد بين آرائهما. فالنسبة لجانيه يمكن أن يشبه النشاط النفسي بقاطرة إذا توقفت فذلك يرجع أما إلى كسر أو التواء في بعض أجزائها. وهذا يمثل التوتر. وإما إلى حاجة القاطرة الى ماء أو فحم، وهذا يمثل الاضطراب الديناميكية النفسية أو العصبية التي يمكن إصلاحها. أما فرويد فينظر الى الامر نظرة أخرى. . فهو يمثل النشاط النفسي بقاطرتين إذا سارتا في اتجاهين متقابلين في طريق واحد فإنهما سيتصادمان ولن يستطيعا التقدم، وهذا يمثل نوعا جديدا من الاضطراب لم يقل به أحد قبل (فرويد)

<<  <  ج:
ص:  >  >>