للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الطوال التي مرت عليه باعبائها واثقالها سهاما قاتلة ولكن غير منظورة!.

اتعجب بعد هذا منه اذا ما ضاق ذرعا بالحياة. . فهتف بذلك الشعر الجزل الحزين؟

وراح الزمن يسير واذا بالشاعر يلتف الى وراء فيرى انه قطع سنوات طويلة حافلة بالعجائب، واذا به كما قلت يصل الى العاشرة بعد المائة فيقول:

اليس في مائة قد عاشها رجل ... وفي تكامل عشر بعدها عمر

وهو عمر طويل حقا ولكن ما يقول اذاجاوزها؟ اسمه وقد مضت عليه عشرون بعد المئة كما يقول الرواة ـ ولكنه انذاك لا يسجل ـ السنين كما سجلها من قبل يصرخ صرخة: العزاء

ولئن كبرت لقد عمرت كأننى ... غصن تفيؤه الرياح رطيب

وكذلك حقا من يعمر يفله ... كر الزمان عليه والتغليب

مرط القذاذ غليس فيه مصنع ... لا الريش ينفعه ولا التعقيب

ويريد بهذا ان الذي يقطع تلك الفجوة الطويلة من الحياة يصبح كالطائر الذي نتف شعره من جراء كر الزمان عليه وكثرة ما مر عليه من عواصف الحياة، فكيف يستطيع بعد ذلك الطيران؟!

ويقول الرواة او شعره على الاصح انه عندما احس بالموت يدنو منه، وان حياته ستختم. . نظر الى اولاده وهم حوله يبكون فقال:

تمنى ابنتاي ان يعيش ابوهما ... وهل انا الا من ربيعة او مضر

وفي ابنى (نزار) اسوة ان جزعتما

وان تسألاهم تخبرا فيهم الخبر

فقوما فقولا بالذى قد علمتما ... ولا تخمشا وجها ولا تحلقا شعر

وقولا هو المرء الذي لا خليله ... اضاع ولا خان الصديق ولا غدر

الى الحول ثم اسم السلام عليكما

ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر

نعم هو من ربيعة ومن مضر، وكيف ينكر الموت وهو الرجل المؤمن الذي يقول عنه الرواة ان رسول الله (ص) قال فيه (اصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد) ويعني قوله:

<<  <  ج:
ص:  >  >>