(وكنت وانا في المخفة، المثقلة بغفلاتى، فهى غير مخفة، اتسلى ببعض كتابات في مدح سيد الاكوان).
وبعد ان ودعنا اماكن نورها نابغ، وصلنا منزل (رابغ) واحرمت بالحج، وسبقنا الحج المصري الى بدر، وابتدرنا المسير بعدهم بيسير أي بدر، واهديت شهدائنا الفواتح، وسرنا الى وادى فاطمة، ولم نشعر الاوقد اشرق النور، وقد اتينا البيت العتيق نزور. وكان نهار يوم الاربعاء، والمبيت (بمزدلفة) ليلة الخميس. ولما اتينا (منى) رمينا الجمرة الاولى، ثم ذبحنا وقربنا وحلقنا الشعور، واجتمعنا ثاني يوم عند رمى الجمرة الثانية بالصديق الاوحد السيد محمد بن السيد احمد الثافلاتى (مفتى الحنفية بالقدس) فلما رايته طرت به فرحا، وسرت به الى الخيمة منشرحا، واقام هينة وسار، ولم ابلغ من الجمعية به الاوطار. وبعد ما رمينا الجمرة الثالثة، سرنا بعيون فياضة، وادينا واجب طواف الافاضة، واجتمعنا ثاني يوم القدوم بالسيد المذكور المعلوم، في الحرم تجاه البيت، وعرضت عليه قصيدتين كتبتهما في ذلك المجلس في كتابين وارسلتهما لبيت المقدس، ليقف عليهما ارباب اقتراب نفيس، فانحظ بهما، وسالته ان يرفقنى الى القاهرة لانشق عرف مآثره الفاخرة، فابدى اعذارا فلم تقبل ذلك منه نفسي، لانها قاسته عليها كما قسته بابناء جنسي، واذا الامر بخلاف هذا المفهوم، لما تحققت وشاهدت في بلاد الروم.
(وكنت اجلس في المقام الحنفي واتملى بانوار البيت الشريف الوفي، وكنت اتردد على الحرم اوقات الصلاة، متى سمعت المؤذن حيعل ولعل حجازا بادرت مجيبا، اذ نغمة اهل تلك الاماكن نغمة مترقبة تحرك من الحب السواكن، وما احلى همهمة الزمزى اذ يدمدم بتلك الزمزمة، وكان اول من وضعها من جدودها وبقيت في الذرية).
(وقد بت ليلة في خلوة قريبة من الحرم، فايقظنى رفيقي برفق وقال: قم فان الباب فتح للامير الشامي الكبير، فبادرت للطهارة لالحق الدخول، فقفل الباب، فبكت النفس عليه لا