كانت وزارة الشؤون الاجتماعية خصصت في ميزانيتها خمسة الاف جنيه لمكافأة احسن ثلاثة افلام في العالم، فلما عرضت هذه الميزانية على مجلس الشيوخ قرر حذف هذا المبلغ منها، ذاهبا الى ان الارشاد الاجتماعي عن طريق الشينما في صورتها الحالية غير مجداطلاقا.
وهذا صحيح لا شك فيه، بل الأمر على العكس، فالسينما كما هي الآن وسيله للإفساد الاجتماعي. . فكيف يقر البرلمان هذا الإفساد ويوافق على ان تكافئه الدولة؟
وليس بغائب عني ان وزارة الشؤون الاجتماعية إنما تريد استجابة الداعين الى هذه المكافأة بقصد ترقية الأفلام، أي أنها تثيب الإنتاج القيم وتشجعه.
ولكن مجلس الشيوخ نظر من زاوية الواقع السيئ ولعله لم يجد أمامه طريقة مرسومة تضمن صرف المكافآت المطلوبة إلى أفلام تتوافر بها صفات وعناصر معينة، من لون آخر غير هذا المتفشي.
والواقع السيىء أو الداء المتفشي، هو اللجوء الى اجتذاب الجماهير إلى الوسائل المثيرة للغرائز: من رقص خليع وأوضاع فاضحة، وغناء مريض، وكلمات نابية، وكل ما عدا ذلك إنما هو في خدمة هذه الوسائل وإظهارها، فالقصة والحوار والأغنيات وغير ذلك، تتجه إلى هذا ((الرقيق الفني))
ومفهوم طبعا ان اهداف الفن الحقيقية بعيدة عن تلك المقاصد
ولكن ما العمل؟
أقول أولا: إن نفوس الناس تشتمل على ناحيتين: أحدهما غريزية حيوانية، والأخرى إنسانية رفيعة، والناس يستجيبون لإثارة الناحيتين. فصناعة السينما عندنا الآن تثير الناحية الأولى وعندنا أشياء اخرى غير السينما تسلك هذا السبيل لجلب ((الزبائن)) منها بعض الصحف والمجلات، وكلها تعتمد على هذه الوسائل لستر الفقر الفني والموضوعي وانعدام الشعور بتبعة ((الرسالات))
وهذا العمل يطغى على كل عمل موضوعي يرضي الإنسانية الرفيعة ويراد منه إحياؤها في نفوس الناس
والدولة من واجبها تنضيم الحياة الإنسانية في أغراضها البعيدة، كما تنظمها في مظاهرها