القريبة، فهي تمنع وسائل الكسب الحرام كالسرقة والغش والاحتيال وما إليها، لتمنع الإضرار بالناس وتحمل الأفراد على سلوك الطريق المستقيم في كسب العيش، فواجبها كذلك أن تضرب على أيدي العابثين بالفنون والمنحرفين في قيادة الرأي العام، وتمنع عبثهم وانحرافهم من إفساد المجتمع، وتمكن بذلك لذوي الشعور بالتبعات القادرين على الإنتاج الموضوعي الذي ينفع الناس ويغذي الناحية الرفيعة في نفوسهم.
وليس سبيل ذلك إعانات تقرر، لا ندري كيف ستوجه، وليس سبيله ان تتدخل في الإنتاج من حيث الإرشاد والتوجيه، كما نسمع من يقول بذلك أحيانا، فقد دلت التجربة على جهل الموظفين الذين يتولون ذلك.
إنما السبيل ان تمنع الحكومة وسائل الإغراء المفسدة، وهذا هو كل شيء في نظري. . فإن ذلك المنع يقطع الطريق على أولئك العابثين الفارغين، لأن انتاجهم سيخلو مما يغري الناس ولا يبقى فيه فن صحيح ولا موضوع قيم، فيضطر الجاهل منهم إلى أن يبحث له عن مرتزق آخر أو يعود إلى مرتزقه الأول قبل ان يصطنع وسائل الاتصال بالجمهور! والقادر على العمل المجدي لا يجد له إلا العمل المجدي ولو كان ربحه قليلا. وعندما يظهر الميدان ينزل إليه الشرفاء المنقبضون.
ذلك هو كل المطلوب من الحكومة لترقية الفنون في هذا البلد، على ان تكون جادة وحازمة فيه، فتشرع له وتسن القوانين الرادعة، ولا يقتصر الأمر على التصريحات التي تلقى إلى الصحف على أثر كتابات وشكايات، والتي لاتزيد دائما على ان تكون حبرا على ورق
يقرأ وهو نائم:
هو الأديب حلمي إبراهيم محمد الساوي، يقول في رسالته إلي:((لقد بلغ بي حب الأستاذ صاحب العزة الزيات بك الى حد أني أقرأ له في المنام كما أقرأ له في اليقظة، فقد سمعني احد الأصدقاء وكان يبيت معي ـ أقرأ مقال (الإسلام دين القوة) ومقال (ثوروا على الفقر قبل ان يثور) ومقال (أدب المجنون) ومقال (تحية أبطال الفلوجة) فدهش وأخذه العجب. . . وانتظر حتى انتهيت من القراءة فأيقظني وقص علي، فقلت إنني يا صديقي عاشق من عشاق الأدب فلا غرابة في ذلك، وأنشدت الأبيات الآتية تحية للزيات الأمير
وبلى ذلك قصيدة عصماء في مدح صاحب ((الرسالة)) لا نستطيع نشرها عملا بما جرى