عثر عليه من آثار بعده، وما قام به كثير من المستشرقين من الكتابة والتحقيق والتنقيب للوصول إلى حقائق أوفى وأصح في هذا الباب، وما امتاز به حضرة الدكتور الفاضل ((جواد علي)) من سعة اطلاع على آثار أولئك المستشرقين مع دراسة تلك الآثار على أساتذة تخصصوا في دراستها، كل ذلك من الأمور التي تحمل على القول بأن هذا المؤلف جاء فريدا في بابه. وليس معنى هذا انه بلغ الغاية، وحقق القصد في جميع النواحي، فجهد الفرد مهما بلغ من القوة ينوء عن الإضطلاع بمثل هذا العمل العظيم: كتابة تاريخ واف كامل للعرب في عهودعم القديمة التي لا تزال خافية المعالم، مجهولة المسالك. وقد أوضح المؤلف ذلك حينما قال:(وإني اعتقد أن الوقت قد حان لقيام العرب أنفسهم بالبحث عن تاريخهم القديم، وقد اصبح لديهم نفر من المتخصصين، لايريدون من حكوماتهم إلا مؤازرتهم ومعاضدتهم، في إعداد وسائل النشر والبحث، والسفر إلى مواطن الآثار، للكشف عن آثار الأجداد، وهو واجب قومي إنساني معا. ومن العار ان يوسم هذا الشعب بالجهالة والبداوة، وأن يقال عنه إنه شعب ساذج بسيط ظهرت الحضارة عنده في أواخر العصر الأموي، وأوائل العصر العباسي، مع أن له تاريخا حافلا قديما، وأن تتفضل أوربا وأمريكا عليه بإرسال بعثتها إلى شبه الجزيرة للكشف عن كنوز الأجداد، ويكون لها منة في أعناقنا وفي استطاعتنا القيام بهذا العمل القومي الخطير. . وما أحوجنا إلى يوم نسمع فيه أصوات المتخصصين من العرب ترتفع لتحكم في تاريخ شبه جزيرتنا حكما علميا منطقيا يفهم التاريخ خيرا من فهم الغرباء له)
وبعد: فلنقف من تقديم هذا الكتاب لحضرات القراء، عند هذا
الحد، مزجين لحضرة مؤلفه الأستاذ الفاضل الشكر الطيب،
على ما أسداه لأمته من يد، وما قدمه للبتحثين في تاريخها من
معونة، راجين ان نتبع هذه الكلمة بأخرى، نشير فيها إلى
بعض ملاحظات ن وليس في الإشارة إليها غضاضة على
المؤلف الكريم، ذي الصدر الرحب وليس في ذكرها ما يقلل