وآذى حسي. وأنت أيها السيد عن ضيوف إقليمك مسئول، فلا بد من إرسال شحنة صغيرة. لتكون تصبيرة، ولا بد من أن تدلنا على أمثل طريق، أيها الرفيق، فإذا لم تدركنا بالمشورة، فسنوالي طلب التصبيرة، وأمرك لله من قبل ومن بعد، وسلام الله عليك ورحمته)
الثقافة المصرية في السودان:
تعمل الآن وزارة المعارف على الإعداد لموسم المحاضرات الثقافية التي يلقيها بعض الأساتذة المصريين في الأندية السودانية وهو موسم جرت الوزارة على تنظيمه منذ سنة ١٩٤٤، وقد نشر أن معالي الدكتور طه حسين باشا وزير المعارف سيفتتح الموسم القادم بالخرطوم في نوفمبر القادم. ولا شك أن معاليه لو استطاع أن يفرغ من شواغله الكثيرة ويسافر إلى السودان ويفتتح الموسم فعلا، فإن ذلك يكون ظفرا عظيما لإخواننا في الجنوب، ويكون منهجه فيما يحاضر به هناك مثالا للأساتذة الذين اعتادت الوزارة أن توفدهم إلى هناك.
وهذا الكلام يحتاج إلى شئ من البسط.
جرت وزارة المعارف على أن تختار أولئك المحاضرين من موظفيها كمفتشي التعليم، وأحيانا تضم إليهم بعض الموظفين في مكتب معالي الوزير، وهؤلاء لهم خصائص معينة فيما يعدون من محاضرات، هي خصائص مدرسية مكررة لا ابتكار بها ولا يتميز فيها جهد بارز، وأذكر أن بعض الصحف السودانية وصفت هذه المحاضرات بأنها معلومات تدرس في المدارس الثانوية وليس في هذا الوصف مجانبة للحقيقة، فإن المحاضرين من المدرسين الذين قضوا سنين كثيرة مشغولين بما في مناهج المدارس لا يكادون يخرجون عنه. . وبعضهم من مؤلفي الكتب المدرسية المعروفة في مدارس السودان كما هي معروفة في مصر. ولا شك أن إخواننا السودانيين الذين يقرءون الإنتاج المصري الحر، ويطالعون ما فيه من روائع، ثم يسمعون تلك المحاضرات التقليدية (الرسمية) - معذورون إذا هم صدموا بالفارق بين هذه وتلك، كما أنهم محقون إذا وصفوا الأشياء بصفاتها.
وهناك نوع من أولئك المحاضرين، يحب أن يدل على (تجديده) أو على (عمقه) أو على (وطنيته) فيشوب الموضوعات الثقافية بإشارات سياسية، تفسد الثقافة، وتفسد السياسة، أما إفسادها الثقافة فتأتي من ناحية التكلف الذي يحرف الأمور عن مواضعها والذي يفسد كل