للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يخرج إليها الرجال والنساء والأطفال، في مظهر طبيعي لا أثر للكلفة والتصنع فيه. . أما المصريات بالذات فلا تكاد ترى لهن أثراُ في هذه الجنات الباسقات، الوارفة الظلال. وإذا قدر لك ورأيت مصرية دفعتها روح المدنية إلى أن تأخذ نصيبها من الرياضة الجميلة بين حدائق الغن، فإنك ناقم عليها أشد النقمة. . ذلك أنها لم تفهم معنى الرياضة، فهي تتخذ من عوامل الزينة ما يجعلك توقن أنها ذاهبة إلى معرض من معارض الأزياء والجمال. . يا الله! ما هذه الثياب الغالية المطرزة المفوفة التي تعوق سيرك أيتها المصرية الذاهبة إلى مواطن الطلاقة والمراح. . إلى الطبيعة المطلقة، الخالية من أسباب التصنع والتكلف المقيت. . بينما ترين الأجنبيات كالزهرات المتفتحات، وسط هذه الزهور الطبيعية، فيخيل إليك أنهن يكملن الوضع الطبيعي لهذه الزهور، وينسجمن معها في بساطة لا تدانيها بساطة، ومع هذا لا يمكن أن تحكم على هؤلاء الأجنبيات بغير الذوق والجمال الأخاذ

وقد ترى طائفة من الشباب المصري، فيتملكك الحزن لمنظرها وهي تسير في الطريق اللامع وقد حمل كل فرد عودا من القصب. . قصب السكر أطول منه، يلوكه بين ماضغيه، ويكاد يطحنه بأضراسه طحنا، ثم لا يكف أثناء المص عن الكلام البذيء، يلاحق به الرائحات دون اهتمام بما ينال في بعض الأحايين من تأنيب قاس يعتقد هو أن هذا فاتحة الباب.!

والحي الإفرنجي في الإسماعيلية نظيف جدا، شأنه في ذلك شأن الحي الإفرنجي في بور سعيد والسويس وأعني بهما بور فؤاد وبور توفيق. . وفي هذا الحي تجد العمائر الضخمة الفخمة، والفيلات الصغيرة المتناثرة، والشوارع اللامعة أرضها، والحوانيت الغاصة بأجمل السلع، وأغلى الأسعار. وينشرح صدرك إذا طوفت بهذا الحي سواء فالليل والنهار. . بيد انك لا تكاد ترى وجهاً مصرياً يقطن في هذا الحي، وأنمى هي وجوه غريبة من كل لون وجنس. . وجوه تنكرها ولا تعرفها. . . وجوه أجنبية كالحة أكثرها من الإنجليز الذين رمت بهم أمواج البحار، ولفظتهم بلادهم، وجاءت بهم المطامع الأشعبية اللآتمة إلى هذه الصحراء القاحلة في منطقة قناة السويس، فاحالتها أفكارهم إلى جنة وارفة الظلال. لا بأموالهم وجهودهم، وإنما بأموالنا نحن المصريين - أو بعبارة أدق بذلك الحبر على الورق، يصنعونه في مصالحهم بلا رصيد وغطاء، ويقذفون به ألينا جنيهات مصرية قشيبة لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>