بيد العفاف أصون عز حجابي ... وبعصمتي أسمو على أترابي
وهذه القصيدة جديدة في موضوعها، فريدة في بابها. تأمل في قولها:
فجعلت مرآتي جبين دفاتري ... وجعلت من نقش المداد خضابي
كم زخرفت وجنات طرسي أنملي ... بعذار خط أو إهاب شبابي
منطقت ربات ألبها بمناطق ... يغبطنها في حضرتي وغيابي
وحللت من نادي الشعور ذوائبا ... عرفت شعائرها ذوو الأنساب
ما ضرني أدبي وحسن تعلمي ... إلا بكوني زهرة الألباب
ما ساءني خدري وعقد عصابتي ... وطراز ثوبي واعتزاز رحابي
ما عاقني خجلي عن العليا ولا ... سدل الخمار بلمتي ونقابي
أنت تقرأ هذه الأبيات فتشعر بأنك تقف أمام امرأة. وليست هذه المرأة الخنساء، ولا ليلى الأخيلية، ولا غيرهما من شاعرات العرب، وإنما هي امرأة تعيش في العصر الحديث. اتخذت من الدفتر مرآة، ومن المداد خضابا. ولو كان هذا المداد أسود لأضحت الصورة كريهة قبيحة. فلعلها أرادت المداد الأحمر فإن صح هذا فالصورة مقبولة. وهي تقول بعد ذلك إن كونها امرأة لم يمنعها أن تنزل إلى ميدان الأدب جنباُ إلى جنب مع الرجال. وهي في دفاعها عن هذا الرأي تعبر عن شعور صادق وتنطق عن ثقة واطمئنان إلى نفسها، وهذه الصيحة بداية للمطالبة بحقوق المرأة؛ ومساواتها بالرجل وتحريرها من الرق والإسار وفي الأبيات صورة لما كانت عليه المرأة في ذلك الوقت وهذه الصورة تستوحيها من ذكر الخدر والعصابة والثوب المطرز والخمائر، فلو أن الشاعرة عاشت معنا في هذه الأيام لما ذكرت شيئاُ من ذلك، ولما أتت بهذه الصورة التي لا وجود لها بين الطبقات الغنية