ذراعي عسكرت فرقتنا في قرية صغيرة. وقد ألقى علينا الكابتن خطابا قصيرا قبل أن يصرفنا وهو يذكرنا بأننا نقيم في بلاد صديقة، وإنه يجب أن نعامل الناس معاملة طيبة، وأن كل جندي يؤذي أحدا من السكان سيكون جزاؤه قاسيا
وكان (الظمأ) يرتكن حينئذ على بندقيته بجانبي، وكان ثملا بعض الشيء، فهز كتفيه ولم يره الكابتن لحسن الحظ.
ولقد استيقظت منزعجا في منتصف الليل وأسرعت نحو فناء المعسكر فوجدت - في ضوء القمر - عدة جنود ورجال مدنيين يحاولوا أن يخلصوا فتاة جميلة من بين ذراعي (الظمأ) وكان يقاومهم فقوة بينما كانت هي تصيح جزعة داعية العذراء وكافة القديسين ليخلصوا منه، فأسرعت للمساعدة، ولكن كان الكابتن جنتيل قد سبقني. كانت له عين صارمة آسرة فتراجع الشاويش أمامه، فطمأن الكابتن الفتاة ببضع كلمات إيطالية ثم نظر إلى (الظمأ) وقال (إن المتوحشين أمثالك يجب أن يعدموا. . وفي اللحظة التي سوف أرى فيها الكولونيل ستفقد رتبتك ثانية. . سنحارب غدا، ولعلك تحاول أن تموت في المعركة
وآوينا للنوم ولكن كان الكابتن على حق، فما أن شقشق الفجر حتى اندلعت نيران المدفعية، فأسرعنا نحو أسلحتنا واندفعنا للقتال وكان (الظمأ) يسير بجانبي وكانت عيناه تنذران بالسوء، وكانت الأوامر الصادرة إلينا تقضي بأن نطارد النمساويين الذين لجئوا إلى الخنادق في قرية (ملنيانو) فسرنا ما يقرب من الميل ولكن فاجأتنا نيران العدو وقتلت منا حوالي خمسة عشر رجلا فأمرنا الضباط بالانبطاح أرضا بينما ظلوا هم واقفين. وفجأة شعرت بجسم بجانبي فتلفت فوجدت (الظمأ) ينظر إلي وهو ممسك ببندقيته وقال أترى الكابتن؟
قلت - نعم هل هناك شيء؟
قال - حسناُ. . لقد أخطأ حين وجه إلى كلماته في الليلة الماضية ثم رفع بندقيتة في لحظة خاطفة وأطلق النار، فرأيت الكابتن وقد انحنى ثم دفع برأسه إلى الخلف تاركاُ سيفه وسقط في قوة على ظهره.
فقلت وأنا أمسك بذراع (الظمأ) - أيها القاتل!
ولكنه دفعني بعيدا وهو يقول - أيها الغبي. . كيف تثبت أني قتلته؟