فقمت واقفا وأنا ثائر غاضب، ولاكن حدث في نفس تلك اللحظة أن هب بقية جنود الفرقة واقفين إذ صدرت أوامر الكولونيل بمهاجمة العدو.
كنت فاقد الحياة حينئذ لأنة كان يتحتم علي أن أهاجم العدو مع زملائي وكان القتال مريرا. . حتى أنى فقدت ذراعي في هذه المعركة.
وكان الجنرال ممتطيا صهوة جواده، فخورا بنا نحن جنوده الشجعان وهو يقول (عشتم يا رجالي فأنتم أشجع جنود العالم) وكنت مازلت قابعا في مكاني وأنا أتحسس ذراعي المكسورة حين تذكرت جريمة (الظمأ) الفظيعة. ورأيته وهو يغادر مكانه ويتقدم نحو الجنرال، وقد شج رأسه العاري والدم يشحب منه منها الدم على جبينه وخديه، وهو ممسك ببندقيته في يد وبيده الأخرى أحد الأعلام النمساوية التي استولى عليها. فنظر إليه الجنرال في إعجاب وقال (سأمنحك وسام الصليب)
وفقدت وعي بعدئذ. . ولكنك تعرف ما حدث لي، لقد بترو ذراعي وقضيت شهرين أهذي في المستشفى، وحينما كنت أضطجع أرقا في فراشي ليلا كنت أتساءل إذا كان من واجبي أن أبلغ عن جريمة (الظمأ) التي اقترفها، لكني كنت أعود فأقول إنه لا يمكنني إثبات. ومع هذا فقد حدثت نفسي بأنه إن كان مجرماٌ إلا أنه جندي شجاع، لقد قتل رئيسه ولكنه استولى على علم نمسوي. . ولم أعد أستقر على رأي فيما افعله.
ولما شفيت أخيرا بلغني أن (الظمأ) نال رتبة جديده وأنعم عليه بوسام الصليب، وقد دفعني ذلك للاشمئزاز من وسامي الذي ثبته الكولونيل بنفسه على صدري وأنا في فراشي بالمستشفى وعلى أية حال لم أعد أرى (الظمأ) منذ ذلك الوقت حتى الآن، فقد ظل في سلك الجندية بينما غادرتها أنا لعاهتي
ولكني حين رأيت تلك السترة القديمة في ذلك الحانوت بجانب المعسكر الذي يقيم فيه القاتل الآن أعاد منظرها إلى ذهني في جلاء تلك الجريمة التي لم ينل مرتكبها جزاءه بعد. . ولم أنقطع عن التفكير أن الكابتن ما زال يصيح مستنجداً بالعدالة)
وحاولت مات أستطيع أن أهدئ ببير فيدال وهو على حاله تلك من الاضطراب، وأخبرته مراراً أنه قد فعل خيراً وأن شجاعة (الظمأ) قد محت جريمته
ومرت أيام بعد ذلك وحين دلفت إلى حجرة مكتبي يوما ناولني فيدال جريدة الصباح وقد