فالمعتلي فرس عقبة بن مدلج، والعلاة فرس عمرو بن جبلة، والمعلى فرس الأشعر الشاعر، وعلوي فرس سليك. وعلوي فرس خفاف بن ندبة الذي قال فيها:
وقفت له علوي وقد خام صحبتي ... لأبني مجدا أو لأثأر هالكا
وعلوي أيضا أسم فرس كانت من سوابق خيل العرب. وكذلك الناقة ناقة عليان طويلة جسيمة، وناقة علاة وعلية وعليان. وعالية القوم وعلياهم أي أعلاهم، وعلية القوم وعليهم: أشرافهم.
وتولدت الألفاظ المرادفة للمعالي فاشتق منها. رافع وصاعد وطالع وطلاع وطلعة، وعزيز ومعتز ومعز، وقد يضاف إليها أبن أو أب أو أم. وأنف الناقة وسنام الأمر. والسمو والرفعة والعزة والقمة والذروة والخفة والهمة والصعدة والرقية والطلعة والتوقل والشرف والشرفة، والغارب والمجد والمحتد والأصل، وأبو النجم وعبد شمس وعبد الأعلى.
واقتضى ذلك معرفة بأحوال الجبال والتلال، والنجوم والأفلاك، والرياح والمشارق والمغارب، والترحل والتسيار، والمياه جاريها وراكدها، ومواطن النهوض والنكوص، وعوامل العزة والذلة، وعلامات الرفع والخفض، والأصول والمحاتد، والمبادئ البانية والهادمة، والنفوس المتقدمة والمتخلفة، والمناصب المالكة، والأوضاع المملوكة، واتجاه المرء من العالي والى السافل وبالعكس.
احتفلت كنوز العربية بهذه الذخائر، واستطاعت أن تعطي للحضارة عناصر القوة في انتقال تراثها من المادية إلى المعنوية، شأنها في ذلك شأن الإنسانية في إطارها الواسع حين تدرجت - في النظر والتأمل - من الأشياء المحيطة إلى النفوس المدركة ذاتها.
وليس من الطبيعي أن يتأمل الطفل نفسه أول ما يتأمل، بل هو يظل طويلا يتفحص الموجودات المحسوسة ثم يدقق - من بعد - في البحث وراء النفس وخصائصها.
فالجبال العالية، والسماوات العلا، والآفاق الممتدة، والأفلاك الشارقة الغاربة، الطالعة والآفلة، والأطيار الغادية والرائحة، والسهام والرماح في مروقها وهبوطها، والجمل البارك والطامح، والكثبان حين تعلوا وتسفل مع الرياح السوافي، والصواعق حين تنقض، والأمطار حين تنزل، والقوي حين يتغلب على الضعيف، وحالب الناقة حين يعلوا ويسفل، والمرء حين يرتفع ويتضع بنسبه وحسبه وقوله وعمله، والعيون في مطالعة المشاهد في