إلى بعض الأوساط والحلقات الأوربية في ولايات روسيا الآسيوية والأوربية.
وهذا الاهتمام الزائد الذي واجهت به السلطات الروسية الرسمية هذه (الشعوبية) الطارئة مدفوع باليقظة الدقيقة التي تراقب بها حكومة ستالين اتجاهات الفكر في القارة السوفييتية.
وقد توافق أو تخالف مبدأ (الفن للفن وحده). فالجدل حول هذا الموضوع لم يخل منه تاريخ الآداب الإنسانية قديمها وحديثها. إنما المهم أن نتعرف على مركزية الفكر في الاتحاد السوفييتي ومبلغ الجد في حماسها لجعل إيديولوجية ماركس - لينين - ستالين شاملة لشتى نواحي النشاط الإنساني سواء أكان اقتصادياً أم سياسياً أم فنياً.
وليس المهم أن نستعرض هنا صلاح هذه المركزية الفكرية أو طلاحها، فلقد تقرر في العهد السوفييتي تسخير النشاط الإنساني بأسره لتحقيق الاشتراكية الماركسية الكاملة.
فإذا تقرر أن الإنتاج الاقتصادي مثلاً يجب أن يتماشى مع المبدأ الشيوعي المعروف (من كل بقدر ما يستطيع إلى كل حسب حاجته) فلا مفر من أن يتقرر كذلك توجيه الأدب والفن السوفييتي ليخدم ويحقق هذا المبدأ.
فإذا كان مقياس صلاح الأشياء في إيديولوجية السوفييت هو مبلغ نفعها للكثرة من الناس، فإن على المبدعين من الأدباء والشعراء والفنانين - والحالة هذه - أن يضعوا مصلحة الأيديولوجية السوفييتية ونظام الحياة الذي اختارته فوق (خمرة) الفن للفن وحده.
ونشاط المسؤولين في الاتحاد السوفييتي لمحاربة هذه (الشعوبية) لم يقتصر على توجيه النداءات وتذكير النقاد وحلقات الأدب والفن بعلاقة الأيديولوجية السوفييتية بالإنتاج الأدبي والفني. ففي عدد ١٨ أغسطس من جريدة برافدا افتتاحية تناولت الدور الذي يجب على بيوت النشر والطباعة في روسيا عمله لمحاربة هذه (الشعوبية) قالت برافدا:
(الواجب الرئيسي لدور النشر والطباعة في الاتحاد السوفييتي هو صيانة الأدب الرفيع في إطار المبادئ السوفييتية. فالكتب والمجلات يجب أن تستذكر دائماً مبادئ العهد السوفييتي وأسسه الفكرية. وكل انصراف عن هذه المبادئ يضر بالحياة السوفييتية، فيجب أن لا تطرح في الأسواق الروسية كتب وجلات لا تراعي طبيعة الكيان الاجتماعي والفكري للشعب السوفييتي وتراثه الأدبي والفني ومصلحة السياسة والاقتصاد والقومية.
(وإن من دواعي الأسف أن ينساق نفر من دور النشر في غمر الأسواق بإنتاج أدبي وفني