ولا أعرف بالضبط السنة التي ولد فيها المرحوم الشيخ راغب الطباخ. إلا أن ناعيه في مجلة الرسالة الغراء يذكر أنه توفي في رمضان الفائت سنة ١٣٧٠هـ عن ثمانية وسبعين عاماً. ومعنى هذا أنه ولد في سنة ١٢٩٢هـ الموافقة لسنة ١٨٧٥م. على أننا نجد في الجزء السابع من كتابه، وفي خلال ترجمته لعمه الشيخ عبد السلام أنه كان بمدينة (جدة) سنة ١٣٠٨هـ مع عمه وكانا يزوران الشيخ محمد مراد الطرابلسي وهو من أهل العلم والفضل فتدور بينه وبين العم مطارحات ومناقشات طويلة، (فكان يتراءى لي - وأنا صغير - أن الحق تارةً يكون مع السيد الطرابلسي وتارةً مع سيدي العم). ومعنى هذا أن سنه كانت عند المناقشة في جدة سنة ١٣٠٨ ستة عشر عاماً. فهل كان في السادسة عشرة صغيراً كما يقول بنص عبارته؟ ومهما يكن من أمره، فقد ولد رحمه الله في محلة باب قنسرين بحلب في دار ذات أواوين ثلاثة مفروش صحنها بالرخام الأصفر. وفي الوسط بركة صغيرة. وهي دار قديمة أستظهر المترجم له أنه مضى عليها ٣٠٠ سنة إلى وقت ولادته واشتراها والده الحاج محمود الطباخ سنة ١٢٧٦هـ.
وينتمي الشيخ راغب إلى أسرة جمعت بين التجارة والعلم والتصوف. فقد عرض على جده الشيخ هاشم منصب القضاء في الآستانة، فأبى معتذراً بأن لهم صنعة أغناهم الله بها عن الوظائف وهي صناعة بصم الشاش الأبيض بألوان ونقوش لتتخذ منه العصائب والمناديل في بلاد كثيرة من الشرقين الأدنى والأوسط، وقد نشأ أبوه أيضاً في صناعة البصم وتجارتها أسوةً بأبيه، جامعاً بين العلم والتجارة، إلا أن مسائل العلم انحصرت عنده في الأمور الفقهية التي تتعلق بأحكام المعاملات في الشريعة الإسلامية، حتى يكون مثال التاجر المسلم الحق في بيعه وشرائه. ونجد عميه أيضاً يشتغلان بالتجارة. على أننا نجد المؤلف نفسه يعترف في خلال ترجمته لوالده بأنه مع اشتغاله بخدمة العلم كان يتعاطى صناعة بصم المناديل والملافع. كما تعاطى التجارة مع أخويه في خان العلبية وخان البرغل إلى سنة ١٣٣٩هـ ١٩٢٠م وهي السنة التي تركوا فيها صناعة البصم نهائياً لقلة رواج هذه المناديل والملافع الملونة في بلاد الشرق العربي وتركية. وخاصةً بعد أن غير كما أتاتورك زي بلاده إلى القبعة الغربية. فلم تعد المناديل توضع على رءوس الفلاحات التركيات. .
وفي أسرة الطباخ نزعة تصوفية من ميراث القرون الماضية ولكنها بقيت فيهم إلى عهد