بالشعر، وأعجب من ذلك أن كتب الأغاني لأبي الفرج، والحماسة لأبي تمام، والآمالي للقالي، والكامل للمبرد، ودواوين أبي تمام والبحتري والمتنبي والمعري كانت كلها على مناط الطلب. بحفظها ويروي عنها ويعيها في صدره، فلا يكاد يخطئ في الرواية عنها أو يعز عليه الاستشهاد منها.
ومن هذين المزاجين عند شيخين من أكابر شيوخ الشام في وقتهما اجتمع للشيخ راغب الطباخ مزاج ثالث في التحقيق والصبر عليه واللجوء إلى المصادر والسعي وراءها لا يمنعه منها مانع من زمن أو بعد شقة غيره. ففي المدينة المنورة عثر على أوراق في تاريخ حلب لمؤرخ مجهول - كما يقول فهرس مكتبة عارف بك حكمت - فاستنسخ الأوراق فإذا هي ليست تاريخاً لحلب. . وإنما هي موشح للشيخ علي الميقاتي الحلبي في ذكر متنزهات الشهباء ومدح بعض أعيانها. .!
وفي حلب نفسها يلتقي بالمستشرق الفرنسي لويس ماسينيون سنة ١٩٢١ ويذكر له أمله في الحصول على نسخة من مخطوطة كتاب (الدر المنتخب) لابن خطيب الناصرية من علماء القرن التاسع الهجري، فيعود ماسينيون إلى باريس ويصور المخطوطة ويبعث بالنسخة المصورة إلى الفقيد الكريم. ثم يكتب إلى العلامة المرحوم أحمد تيمور باشا سائلاً إياه أن يدله على كتب في مكتبته تتصل بتاريخ حلب. فيكتب له تيمور باشا عن جزءين في مجلد واحد من كتاب (كنوز الذهب في تاريخ حلب) للإمام المحدث موفق الدين أبي ذر. ثم يعثر في مكتبة محمد أسعد باشا الجابري بحلب على مخطوطة (در الحبب) لرضي الدين الحنبلي فيستعيرها ثم ينقلها بخطه إلى نسخة حسنة الخط صحيحة الرسم يراها أسعد باشا فيستحسنها ويأخذها بدلاً من مخطوطته. . . ثم يجد نسخة من كتاب (الدر المنتخب) المنسوب لابن الشحنة عند أحد علماء حلب فيكتبها بخط يده ويقابلها بغيرها من النسخ المخطوطة، ويحقق أن هذا الكتاب لأبي اليمن بن عبد الرحمن البتروني، وليس لأبن الشحنة كما كان معروفاً قبل ذلك. ثم يذهب إلى دمشق فينسخ عشرات وعشرات من المخطوطات التي وجدها في مكتبات العاصمة السورية مما يتصل بموضوع تاريخه لمدينة الشهباء. ثم نجد الكرام من العلماء يعيرونه من نفائس المخطوطات والكتب ما يعينه على إخراج كتابه (إعلام النبلاء) كالمرحوم أحمد تيمور باشا الذي أعاره كتب (المنهل الصافي)