للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإني أتقدم إلى قراء الرسالة الكرام بأن يدلني كل من يعرف شيئاً يخص هذا الموضوع إليه، وله مني خالص الشكر، ومن الباحثين عن الحقائق أجزل الثواب.

أسيوط

عبد الموجود عبد الحافظ

١ - تعقيب على نفر:

ينتقد الأديب كيلاني حسن سند قولي (سمراء مثل الكروم) إذ لا لون للكروم في حدود نظره إلا تلك الخضرة الورقية الداكنة. ولو تصفح حضرته أحد كتب البلاغة لعلم أن (المجاز المرسل) يبيح لقائل أن يقول (شربت الكروم) وهو يريد عصيرها. وعصيرها هذا كما لا يجهل الأديب ذو ألوان مختلفات أحدها السمرة المرادة في التشبيه. . . وينتقد وصفي للضياء بالنعومة لأنه مما لا يلمس باليد؛ وأنا أسأله: وهل لنا أن نصفه بالخشونة؟ وإذا كان الجواب الطبيعي بالنفي، فلماذا تحرمون على شاعر أن يتخيل إيجابية شيء لم تستطيعوا للآن تقرير سلبيته. . . وأنا لم أقل (خمرية كالماء) ولكن (خمرية كالمساء) والتحريف مطبعي فلا محل لنقده؛ ومن ثم للرد عليه.

٢ - غموض:

ثم ننتقل إلى غموض - إلى البيت الثامن:

أرنو إلى الفجر الجميل كساحر ... حملت يداه ريشة عذراء

يقول الأديب النابه إن الساحر لا يحمل الريشة. وإنما هو الرسام، وهذا من البديهة بحيث نخجل عن ذكره - ولو شئنا لقلنا (كراسم) ولن يختل الوزن الشعري. . . ولو أتيحت للأديب رؤية الفجر وهو يوزع الألوان والأضواء على لوحة الأفق لوقف مثلي مشدوه الفكر ملتهب الشعور منجذب الروح. نحو هذه المعجزة السماوية المتجددة. . . تماماً كما يقف المسحور تحت تأثير الساحر القدير. . . أما عن الشمس (شعت ماسة زرقاء) فهناك وجه الشبه البياني يرخص للشاعر والكاتب أيضاً أن ينظر للشيء من زاوية معينة ليشبهه بآخر لا يطابقه إلا من هذه الزاوية نفسها. والشمس إذ تبعث بأشعتها النفاذة في كل اتجاه إنما هي ماسة مكبرة ولو لم ترها البصائر الرمداء. . كذلك هذا، ولم يكن القمر يشبه

<<  <  ج:
ص:  >  >>