الوحيد لتغليب إحدى القوتين على الأخرى بصفة حاسمة، لإنهاء حالة القلق والتأرجح والاضطراب. .
فأين وجه الحق في هذه الدعوى، وأين وجه المصلحة القومية والمصلحة الإنسانية في هذا الادعاء؟
إنه ليس من مصلحتنا نحن ولا من مصلحة الإنسانية أن تغلب الآن إحدى الكتلتين على الأخرى وتمحوها من الوجود محواً؛ فنحن في دور استكمال وجودنا الطبيعي في الحياة، واستنقاذ مصالحنا المغصوبة بأيدي المستعمرين، ليس من مصلحتنا أن تهزم الجبهة الشرقية هزيمة نهائية، ولا من مصلحة الإنسانية كذلك وإن وجود هذه الكتلة بهذه القوة في هذه الفترة لهو إحدى الضمانات لنا لنستخلص هذه الحقوق يوماً بعد يوم؛ كما أنه الضمانة المؤقتة للبشرية ألا تسيطر عليها قوى الاستعمار الجائر الغاشم الظالم. . وإذا كان فينا من يحسن الظن بأمريكا، ويظن أن سيطرتها ستحد من شرة الاستعمار، فلينظر كيف تقف أمريكا في صف هذا الاستعمار، وكيف تمده بقوة الحديد والنار عند الاقتضاء، على أنني أعيذ البشرية أن يستبد بها الصلف الأمريكي السخيف، الذي لا يقاس إليه الصلف البريطاني ذاته في أرض المستعمرات. إن عداوة الأمريكي للملونين عداوة كريهة بغيضة؛ وإن احتقاره للملونين لتهون إلى جانبه تعاليم النازية؛ وإن صلف الرجل الأبيض في أمريكا ليفوق كل ما كانت تتصوره الهتلرية، وويل للبشرية يوم يوقعها سوء الطالع في ربقة هذا الصلف الأمريكاني بلا قوة في الأرض تخشى ويعمل لها حساب!
كذلك نحن في حاجة مؤقتة إلى وجود القوة الشيوعية في الأرض، لتخويف الطغاة والمستغلين، واسترداد حقوق الجماهير المسلوبة، في ظل هذا التخويف! وإننا لندين لوجود هذه القوة بالشيء الكثير من مشروعات العدالة الاجتماعية الضئيلة التي تحاولها السلطات في هذه البلاد، ولولا الخوف من الشيوعية ما تم منها كثير ولا قليل!
ولكن هذا كله ليس معناه أنه من الخير لنا وللإنسانية أن ينتصر المعسكر الشرقي انتصاراً حاسماً كاملاً، وأن يتحقق ذلك الحلم الشيوعي الواهم، ويدين للشيوعية الجميع.
إن هذا المعسكر لا ينبغي لنا الخير، ولا يطيق أن تكون لنا فيه كرامة، أنه يريدنا جنوداً له أو عبيداً، لا أن يكون لنا وجود ذاتي وكيان محترم. ولقد دلتنا تجربة فلسطين على حقيقة