الذي صرعوه بالأمس، كي يستعينوا به على المارد الجديد. . نفس الذي فعلوه بعد الحرب العالمية الأولى، ولئن انتصروا غداً على الجبهة الشرقية، فليواجهن ألمانيا من جديد، ولئن انتصرت الشيوعية فلينبتن لها عدوها من ذات نفسها، من الضغط والكبت اللذين لا تطيقهما البشرية طويلاً. وقد بدأت يوغسلافيا حتى قبل المعركة، وسيتبعها التشقق في المعسكر الشيوعي لنفس الأسباب، أو بسبب الجمود والتوقف الناشئين من صب البشرية كلها في قالب واحد، تسيطر عليه فكرة واحدة، لا تسمح بأي تطور بعد مرحلة الشيوعية التي نعدها ختاماً للحلم الماركسي لا تتعداه! وإنها للعنة لا تصاب بها الإنسانية إلا وقد أريد بها شر عظيم.
إنه لمن السذاجة أن نتصور أننا نستطيع أن نجني ثمار السلام العالمي من وراء اصطدام هاتين الكتلتين الضخمتين في حرب حاسمة أخيرة، ولقد كان الطيبون الأبرياء في العالم يتخيلون هذه الثمرة الحلوة يانعة بعد كل من الحربين الماضيتين، فلم تطلع شجرة الحرب إلا ثمرات مرة، تجرعها هؤلاء الطيبون الأبرياء، وكان الجني الحلو كله للطغاة والمستغلين، من الشرقيين أو من الغربيين إن طريق الخلاص للبشرية المنكودة الطالع لن يكون هو الانضمام إلى هذا المعسكر أو ذاك، ليسحق أحدهما الآخر سحقاً ويخلو له وجه العالم، ويسيطر عليه وحده، ويسيره كما يريد.
إن المعركة في صميمها ستدور في أرض غير الكتلتين، ستدور في تركيا والعراق وسورية ومصر والشمال الأفريقي، وفي باكستان وأفغانستان، وفي منابع البترول العربية في عبادان والظهران. . . إنها ستدمر مواردنا نحن، وتحطم حياتنا نحن، وتدع أرضنا بلقعاً خراباً يباباً، وسواء علينا انتصرت هذهأم انتصرت تلك، فسنخرج نحن من المعركة فتاتاً وحطاماً، لا كما خرجت أوربا من الحرب الماضية، ولكن كما لم تخرج أمة من حرب قط، وإذا كانت هيروشيما قد ذهبت مثلاً بقنبلة ذرية صغيرة، فسنكون نحن تلك الفئران الصغيرة لتجارب القنابل الذرية؛ والقنابل الهيدروجينية، وغاز الموت الزاحف، وأشعة الموت السحرية، وحرب الميكروبات الطائشة، وسائر ما يتمخض عنه الذهن الكافر في دنيا الضمير الغربي الملوث.
إن طريق الخلاص هو أن تبرز إلى الوجود من أرض المعركة المنتظرة كتلة ثالثة تقول