للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ذوي الأغراض والأطماع إلا بالتكتل والتجمع والمطالبة الصريحة بالإصلاح، وهذه الصفات بينة في حياته المضطربة القلقة، تبيانها في مؤلفاته الدينية والعلمية والأدبية، فهو في كلتا الحالتين متأثر في بيئته ومجتمعه؛ وكل كتبه المطبوع منها والمخطوط ترينا صحة هذا القول، فهو العربي العراقي البغدادي الأول الذي ناوأ السلطة وجاهر بعداء الولاة، هذا فوق أنه صدر العلماء وزعيم الحركة الثقافية والعلمية في عصره والمجتهد الديني؛ وهو كما قال أحد تلامذته (فخر علماء المسلمين الواصل إلى رتبة الاجتهاد) فهو المصلح الديني والاجتماعي، وتفسيره الفخم (روح المعاني) يرينا صدق قول تلميذه بأنه واصل إلى مكانة الاجتهاد، لأن الألوسي يوجه المسلمين إلى إصلاح وتقويم وترميم كيانهم الاجتماعي المنحل المنفسخ قبل مائة عام. . وهو بعد ذلك مرآة حساسة دقيقة لعصره الذي رسمنا ملامحه في السطور السابقة، وهو يرينا بعواطف الأديب، وأحاسيسه الرقيقة وذوقه السليم، يرينا الحالة الاجتماعية والثقافية والأدبية لذلك العصر بصورة واضحة بينة، لا كذب فيها ولا تزويق.

٢ - البيت الألوسي:

أشتهر الشرق العربي ومنه (العراق) في القرن الماضي بوجود عائلات علمية تحمل العلم والأدب من الأجداد إلى الأحفاد. . ومن هذه العائلات أو البيوتات في مصر، الشرقاويون والرازقيون (آل عبد الرزاق) والرافعيون وغيرهم، ومنها في لبنان اليازجيون والبستانيون والشرتونيون، أما في العراق فقد أشتهرت في بغداد بيوتات كثيرة تمتاز بحصر العلم والأدب بأبنائها فحسب، وأشهر هذه البيوتات الألوسيون والسويديون والواعظون والرحبيون والحيدريون والزهاويون والقمريون والطبقجليون. . الخ

وهذه العوائل البغدادية تمتاز فوق أنها تحمل الصفة العلمية التي تتوارثها، فهي اختصت بصفة أخرى لا تقل عن الأولى أهمية وخطورة، ألا وهي فروع العلوم من منطق وكلام وأدب وحديث، تنحصر في عائلة منها فقط، ويبقى هذا الفرع في نماء وازدهار في الأجيال القادمة من العائلة نفسها، فبيت السويدي أشتهر بالحديث والمنطق، وبيت الواعظ بالوعظ، وبيت الزهاوي بالمنطق والكلام، وكثير من الفقهاء ظهروا من بيت الطبقجلي والرحبي، ويضاف إلى ذلك ما لانحصار الثقافة العلمية في العائلة الواحدة من أثر عظيم في خلق الجو العلمي والأدبي في صقل المؤهلات وتقويم الملكات والتوجيه الصحيح المستقيم، إذ أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>