للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الطفل في أمثال هذه العوائل يشاهد أول ما تتفتح عقليته ويشتد ساعده، يشاهد جواً علمياً يقومه ويعينه في خلق مستقبل علمي صحيح. . . وهذا القول يظهر جلياً واضحاً في الألوسي المترجم له، إذ أنه تتلمذ على أمه وأبيه قبل أن يبلغ سن الحلم، ثم لقي من رعاية أبيه وأستاذه وتوجيهه وإرشاده ما جعله مضرب الأمثال في الرواية والحفظ وسرعة البديهة ودقة النظر.

فالوراثة والبيئة والتوجيه الصحيح تعاونت في سبيل خلق رجال هذه العوائل وإعدادهم للعلم والأدب.

و (ألوس) التي ينتسب إليها أبوالثناء، قرية تقع على نهر (الفرات) قرب (عانات) وينتسب إليها من العلماء والأدباء محمد بن حصن الألوسي الطرسوسي، والشاعر المؤيد الألوسي (توفي عام ٥٥٧هـ)، وقد تضاربت الأقوال في صلة العائلة بألوس، فمن قائل إن العائلة بغدادية النجار، ولكن أحد أجداد العائلة فر إلى ألوس من وجه هولاكو التتري عند دخوله بغداد، ثم رجع أحد أبنائها إلى بغداد في القرون المتأخرة، وهذا رأي الأستاذ محمد بهجت الأثري، ويقول صاحب (حديقة الورود) ما معناه أن أجداد أبي الثناء عاشوا ببغداد، وقد سافر الشيخ إسماعيل الألوسي من علماء القرن الحادي عشر للهجرة إلى (استنبول) إذ أنعم عليه السلطان العثماني بالمنح والهدايا، ومما منح له أراض واسعة في جهات عانات وألوس، فسكن الشيخ إسماعيل وأهله ألوس، وبقي أبناؤه فيها حتى القرن الثالث عشر للهجرة إذ هاجر منها السيد محمود الخطيب بن السيد درويش وأقام بمدينة السلام، والرأي الثالث هو رأي كاتب مقدمة (روح المعاني) إذ يقول: (انتقل منها - من ألوس - أجداد شيخنا من نحو مائتي سنة إلى الزوراء) وروح المعاني قد طبع عام ١٣٠١هـ فيكون تاريخ هجرة الألوسيين إلى بغداد هو القرن الحادي عشر للهجرة (السابع عشر للميلاد). ومن ملخص هذه الآراء الثلاثة المختلفة والمتفقة معاً، لنا أن نقول إن العائلة الألوسية بغدادية الأصل، وأنها اضطرت إلى النزوح من بغداد لعوامل قهارة، منها كثرة الفتن والاضطرابات والغزوات المتعددة، وأنتشار الأمراض، وأنها سكنت (ألوس) وجعلتها لها مستقراً ومقاماً.

والذي لا خلاف فيه ولا جدال أن السيد عبد الله بن السيد محمود والد المترجم له ورئيس

<<  <  ج:
ص:  >  >>