عروس كنوز قد تحلت بمسجد ... مكللة تيجانها بالزبرجد
أم الجنة العليا تزخرف قاعها ... بأبهج ياقوت وأبهى زمرد
أم المكرمات الآصفية أبدعت ... هيولي أعاجيب بصورة مسجد
فذا مسجد معناه يشهد أنه ... بعمره المسعود من غير مسعد
فدع قصر غمدان وأهرام هرمس ... وإيوان كسرى وأنظرنه لتهتدي
ودع إرماذات السوارى وحسنها ... وعرشاً لبلقيس كصرح ممرد
ودع أموي الشام وأنزل بمصرنا ... وبادر لهذاك البناء المعمد
لئن جاء في الدنيا وحيداً ومفرداً ... فلا غرو فالمنشي له ذو تفرد
محمد آراءه على مآثر ... عزيز ومولى كل سام ممجد
هو الشمس لم يحجب سناها غمامها ... ولا أنكرت أضوائها عين أرمد
وكم منشآت كالرواسي بني لها ... فعجباً جرت في البحر ذات تشيد
معاليه جلت عن نظير وأصبحت ... تباهي جميع العالمين بمفرد
فعرج على تلك المآثر وابتهج ... بآثار هذاك الخديوي الممجد
وعاين بناء يستضئ منزها ... لطرفك في روض البهاء المخلد
أمين بني الجندي قال مؤرخاً ... تربك على قدر العزيز محمد
فأنت تعرف من ثنايا هذه الأبيات مقدار الأثر البالغ الذي تركته في نفسه هذه القلعة التاريخية العظيمة التي يصفها في شعره بمنزلة قصر غمدان وأهرام هرمس، وإرم ذات الأسوار والمناعة، ويضعها في القداسة بمنزلة الأموي في دمشق، بيد أن هذه القصيدة على إعجاب ناشر الديوان بها، وتلك المقدمة النفيسة التي قدمها لها في الديوان، لا أراها تعدل في الروعة أشعاره في الغزليات والأماديح والتشاطير والتخاميس، وله فيها أبيات يعجز القلم الثر عن وصفها لجودتها وروائها وجمالها وتنسيقها، ومتى أتينا على بحث هذا النوع من الشعر نريك نوعاً منها، ويبدو أن صاحبنا لم يك ذا باع طويل في الوصف، ومن أبيات له من هذا القبيل في وصف الشطرنج أرى ألا مندوحة عن نشرها للأطراف فقط وليس للفن، وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على هيامه بهذه اللعبة التي كانت سلوته وسلوة القائد المصري في ساعات الاستجمام والراحة. .