في الطليعة من هؤلاء الذين يعنيهم هذا القول الكريم: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته!!
ماذا أقول لك يا صاحب المعالي بعد هذه الكلمات؟ أقول لك إن هذا الأديب يجب أن ينصف وأن يوضع في مكانه. . إن مكانه هناك في دار الكتب، أو في مجمع اللغة، أو في تلك الإدارة التي تسميها وزارة المعارف (إدارة نشر التراث القديم) أقسم لك إنها تسمية ظالمة؛ ظالمة لأن تلك الإدارة موجودة حقاً ولكنها لا تفعل شيئاً. . وتسألني لماذا فأقول لك: لأن الذين يصلحون لها ويستطيعون أن ينهضوا بها قد قدر لجهودهم أن تذهب هباء مع الريح، بين مدرسة فرنسية هنا ومدرسة مصرية هناك!
يا سيدي رحمة بالأدب ورفقاً بالأدباء، ومعذرة لهذه الكلمة الثائرة لك لا عليك، وحسبك منها أن شاهدها الصدق ورائدها الضمير!!
بين شوقي والرصافي:
أعرف فيك إخلاصك للفن، وصدقك في النقد، وجرأتك في الحق، وترفعك عن المجاملات. . . ولهذا كله أود أن أعرض عليك هذه القضية الأدبية التي أوغرت على الصدور في العراق وأثارت من حولي ضجيج الأقلام! أود أن أعرضها عليك لتشارك فيها برأيك، هذا الرأي الذي أحتكم إليه لينصفني أو لينصف غيري من المعترضين والمتهجمين:
لا شك أنك تذكر أنني كتبت في الرسالة الغراء بضع مقالات أبديت فيها رأيي حول شعر الشاعرين: شوقي والرصافي. . ولقد قلت إن شوقي قمة شامخة من قمم الشعر في العربية، وإن الرصافي لا يمكن أن يلحق بغباره مهما قال القائلون، لأن شوقي شاعر العبقرية والرصافي شاعر القريحة، وشتان بين المطبوعين على قول الشعر وبين النظامين!
قلت هذا فهاجمني بعض الأدباء هنا على صفحات الصحف وهاجمني البعض الآخر بالرسائل واللسان، وهاأنذا أنقل إليك ألوانا من هذا الهجوم الأخير:
كتب إلي صديق من (الموصل) يقول: (إنك قد تجنيت على الرصافي حين فضلت عليه شوقي، لأن الرصافي أشعر من شوقي ولأن المصريين يسوؤهم أن يؤمر عليهم شاعر عراقي، ولذلك أهملوه. . ولولا أنني أعرف نزعة (الرسالة) الإقليمية لكتبت رداً عنيفاً حول هذا الموضوع، ولكنني أعرف الناس بأنانية المصريين! ولهذا فأنا عاتب عليك تفضيلك شوقي على الرصافي وأنت شاعر عراقي)!