التي تشمل هذا الوطن الكبير، وتنثر ظلالها السمحة على كل اسم من أسماء أهل الأدب والفن هنا وهناك!
قلنا هذا وكررناه، حتى مللناه! ومع ذلك فالأدباء العراقيون غير راضين ولا مقتنعين، حتى نسبح بحمدهم ونشيد بذكرهم ونقيم لأدبهم المعابد والمحاريب. . وإن لم نفعل فالويل لنا من ألسنتهم وأقلامهم، والويل كذلك لكل عراقي يشير إلى الأدب المصري من بعيد أو قريب! من يصدق بعد هذا كله أننا أصحاب تعصب وأنانية أو أصحاب أهواء وأغراض؟! ألا فليرجعوا إلى كلماتهم التي وجهوها إلى الأستاذ الناصري وليراجعوا أنفسهم ليعلموا - إذا أنصفوا الحق والواقع - إلى أي فريق يجب أن يوجه الظن أو يقدم الاتهام!
وأعود إلى الأستاذ الناصري لأقول له إن فكرة المقارنة بين الشاعرين (العربيين) باطلة. . باطلة في رأي الحق والذوق والمنطق السليم! إن المقارنة مثلاً بين شوقي والمتنبي أو بين شوقي وأبن الرومي أو بين شوقي وأبي تمام شيء معقول ومقبول. . معقول لأن الطاقات الفنية هنا متقاربة، ومقبول لأن الملكات الشعرية هنا متشابهة، (معدنها) واحد وإن اختلفت مظاهرها تبعاً لاختلاف الذوق بين (الصائغين)! لهذا كله أقبل المقارنة بين شوقي وهؤلاء وأطيق المفاضلة، أما أن يقارن بين شوقي والرصافي فهي المقارنة بين النهر الكبير والجدول الصغير، أو بين الذهب والقصدير. . وليغفر لي الأدباء العراقيون (ضعف) الملكة الناقدة أو (غلبة) العصبية الإقليمية!!
ولا حيلة لي بعد ذلك فيمن ينكرون شوقي ويعترفون بالرصافي وأمثاله من الشعراء، إنهم أشبه بذلك الذي يذهب إلى سوق الفاكهة فتقع عينه على الكمثرى والتفاح ثم لا تقع يده إلا على الجميز والجوافة. . أمثال هؤلاء لا ينتظرون مني جدلاً ولا مناقشة، لأنني لا أطيق أن أناقش أذواقاً تجهل فنون الطعم والمذاق، حين تعرض عليها أنواع الفاكهة في كل سوق من الأسواق!!
شاعر يودع الحياة:
كنت أقرأ شعره فأعجب به وأثنى عليه، ومن أضواء هذا الشعر وظلاله رسم له الخيال على لوحة الشعور صورة إنسان، إطارها الحس المرهف والفكر النقم والشجن المقيم. . لم أكن قد رأيته بعد، وحين رأيته عدت إلى الصورة التي رسمها الخيال فلم أجد فارقاً بينها