مولانا حينما وكلت الخلافة إلى الناصري محمد وأقررت عهد أبيه بها إليه، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يجعل عهدكما عهد يمن وإقبال ورخاء للمسلمين أجمعين.
السلطان: إن عامنا هذا عام رخاء، ولنا في وفاء النيل فيه فأل حسن، فقد بلغ نحواً من عشرين ذراعاً، ولا نزال نحتفل بعيد وفائه شكراً لله على نعمائه، ونحن قوم نتفاءل دائماً.
القاضي: إن البلاد جميعها للتفاؤل بسلطنتكم المجيدة، والدين أمرنا - بجانب الحذر والحيطة - أن نتفاءل ونقابل الحياة دائماً بالأمل والرجاء، وكما نعمل للآخرة كأننا نموت غداً، ونعمل للدنيا كأننا نعيش أبداً. . .
السلطان: صدقت! وإن دأبي الانتشاء والبناء، ولن آلو جهداً في أن أترك بكل موضع أثراً مشيداً نافعاً، وأن أسلك سبيلي لإعلان شأن السلطنة وإظهار عظمتها، وللترفيه عن عامة سكانها، وتزويد البلاد بما ينمي ثروتها يوسع نفوذها، إن سلطنة مصر اليوم - بعون الله - أقوى سلطنة إسلامية، وهي من أوسع دول الأرض جاهاً وقوة ومالاً، وستبقى كذلك ولن ينال منها العابثون منالاً. . أين القاضي معين الدين؟
(يأتي القاضي معين الدين بن شمس، وكيل بيت المال ونائب كاتب السر - وكان في وجهه دمامة - ثم يتقدم إلى جانب السلطان من الخلف ليقرأ على مسامعه المراسلات والقصص - المظالم -)
السلطان: ما عندك من أخبار البلسان؟ لقد كانت بلادنا تفخر بزرعه في أرضها لأن له دهناً عجيباً يغالي ملوك الفرنجة في ابتياعه، إذ يستخدم عندهم في ماء المعمودية، ثم أنقطع تبته من بلادنا جملة.
معين الدين: لقد خاطبنا بلاد الحجاز عندما علمنا أن البلسان ينبت في بعض جهاتها، وكلفنا بعض نوابنا فحملوا إلينا شجيرات منه غرسناها بالمطرية، فنبتت نباتاً حسناً يبشر بمستقبل عظيم، فليطمئن بال مولانا.
(يميل السلطان إلى بعض خاصته، ويسر إليه أنه يخجل من مماليكه حينما يرون رجلاً مثل معين الدين يقرأ قصصه ومراسلاته)
السلطان (موجهاً الخطاب إلى معين الدين): وما أخبار الشاه إسماعيل الصوفي؟
معين الدين: يعلم مولانا أن الشاه إسماعيل الصوفي، كان قد تحرك وزحف على الممتلكات