من طلبة العلم من تقرب إليه ودرس عليه، وعبقرية التلميذ النجيب تلاقت مع عبقرية الأستاذ القدير، إذ أن عقول العباقرة تلتقي على ما يقول الفرنسيون، فأمسى مقام الشيخ علي في تقويم مواهب الألوسي وصقل ملكاته كمقام أبيه السيد عبد الله، أستاذه الأول ومعلمه في بيته. والألوسي يذكره بالخير ويشيد بفضله ويترحم عليه، كما أنه أرخ حياته في المقامة الثانية من (مقامات الألوسي) وأرخها أيضاً في (غرائب الاغتراب) وفي غيرهما من مؤلفاته المختلفة. . ودرس الألوسي على الشيخ المذكور في المدرسة الخاتونية الواقعة في باب (الشيخ) من رصافة بغداد.
جـ - وظائفه العلمية:
لعل أول وظيفة نالها أبو الثناء أثناء تتلمذه على أساتيذ زمانه وعلماء عصره، أنه ألف رسالة في أحد العلوم لداود باشا الدالي وقد أعجبته كل الإعجاب فوظف له في كل يوم درهمين من وقف جامع (محمد الفضل) وهذه الوظيفة الأولى قد أعانته أثناء تحصيله العلمي في عيشه، والقارئ يعلم درجة حاجته وفاقته، أصبح بعدها أو أثناءها محافظاً لمكتبة مدرسة الشهيد (علي باشا) التي كان أبوه أحد أساتذتها ثم أصبح مدرساً في بيت خاله الحاج عبد الفتاح الراوي في جانب الكرخ وبعد أن نال الإجازة في التدريس من أستاذه علاء الدين في المدرسة الخاتونية في باب الشيخ أقامت السيدة (عاتكة) من محسنات زمانها مأدبة حافلة حضرها جلة علماء بغداد وفضلائها، وأعيانها وكان من جملة الحاضرين رئيس صنف التجار نعمان الباجه جي البغدادي، الذي لمح ألمعية الألوسي فأراد أن يخلد اسمه فاقترح على الشيخ علاء الدين أن يكون تلميذه الألوسي مدرساً في مدرسة جامع الباجه جي في محلة (سبع البكار) في الرصافة فأشار الأستاذ على التلميذ الذي صار أستاذاً، أن يدرس في المدرسة المذكورة فأنصاع له وجلب تلامذته من مدرسته التي كانت في بيت خاله، وعمره إذ ذاك عشرون سنة. . . وقد رأى التلاميذ عجباً في مدرسة الباجه جي إذ الراحة متوفرة والمكان واسع، والتقدير موجود، فذاق الألوسي أول أفاويق السعادة ونال شيئاً مما كان يطمح له ويأمل، ولكن القدر كان له في حرب دائم متواصل إذ نظم أحد التلامذة أبياتاً من الشعر وصف فيها المدرسة الجديدة وأناقتها وقارن بينها وبين مدرسة الراوي، فوجد حساد الألوسي منفذاً للافتراء، وأنه سب خاله الحاج عبد الفتاح فشاغب عليه الحساد،