والاستقلال بالعراق عن الدولة العثمانية، والألوسي كان من دعاة هذه الفكرة ودليل ذلك حبسه بأمر الوالي الجديد علي رضا في سجن نقيب الأشراف.
د - تصدره للافتاء:
بقي الألوسي بسجن النقيب يتجرع الغصص ويتحمل النكبات منتظراً الفرج من الله مترقباً أفاعيل القدر. . . وتم له ما أراد إذا طلب منه محمود النقيب رئيس النقباء الوعظ في جامع الشيخ عبد القادر الجيلي القريب من دور نقباء بغداد وكأنه وضعه بسجن ثان قريب من السجن الأول، فقبل الألوسي الطلب وأجاب النقيب بما أراد، وإن كانت العيون يحصون عليه أنفاسه، ويعدون عليه حركاته، ووعظ في جامع الجبلي أكبر جوامع بغداد وأشهرها، فسار اسمه وذاع صيته وقصده القاصي والداني من الأهلين والموظفين والعسكريين والعلماء، ليستمعوا إلى مجلس وعظه ويستفيدوا من حسن محاضرته فطرقت أذن الوالي علي رضا المشهور بحريته الفكرية وحبه العلماء شهرته واسمه، فقصد جامع الجبلي وذلك في أواخر رمضان ليشاهد هذه الأعجوبة الذي تم سجنه على يده فخلب لبه وأسر سمعه فرضى عنه وصالحه وأمر أحد خاصته المدعو (عبد الرحمن الأعظمي) أن يجلب الألوسي معه إلى قصره - قصر الوالي - في اليوم الثاني من عيد الفطر. وعند حضوره في اليوم الموعود قربه إلى مجلسه وحادثه بأرق الحديث وطلب منه التردد إلى قصره مرتين في الأسبوع، فكان الألوسي يزور الوالي الذي أعجب به كل الإعجاب وأعاد إليه وظائفه التي اغتصبت منه فألف له الألوسي رسالة جيدة أثبتت أن الألوسي من فلاسفة الحكم ومن ذوي الرأي في السياسة، فأجازا الوالي أبا الثناء بتولية أوقاف مدرسة جامع مرجان وتولية هذا الجامع مشروطة لأعلم أهل البلد وذلك في ١٧ محرم سنة ١٢٤٩ ونال قبل التولية خطبة الجمعة والعيدين في جامع الجبلي، وبعد أن نال التولية أخذ يفر إلى جو الرفعة والكرامة - كما قال حفيده محمود شكري الألوسي - وفتحت له باب الأمل التي داعبها منذ كان يافعاً فنال رتبة علمية لها مغزاها العالي في ذلك الوقت وتلك الرتبة العلمية هي (تدريس الأستانة) التي صدرت بمرسوم سلطاني ولم تقف رتبه العلمية عند هذا الحد العظيم، بل نال أقصى ما يناله رجل العلم من الرتب العالية؛ إذ أن صديقه الشاعر العمري وصديق آخر بشراه أن الوالي علي رضا سينصبه مفتياً للمذهب الحنفي، وكان سروره عظيماً جداً