وفي سنة ١٩١٩ ثارت البلاد على مختلف طبقاتها تطالب باستقلالها، وسافر الوفد المصري لغرض قضية البلاد على مؤتمر السلام في فرساي وهناك تلقى دعوة من لورد (ملنر) وزير المستعمرات الإنجليزية إذ ذاك ليتفق مع الوفد على مركز البلاد وتحديد علاقة إنجلترا بها. وتمخضت المحادثات عن مشروع قدمه لورد (ملنر) واتفق مع الوفد على عرضه على البلاد لأخذ رأيها فيه مع التزام الحيدة، فأنتدب الوفد أربعة من أعضائه للقيام بهذه المهمة، وقد اختلف القوم في صلاحية المشروع أو عدم صلاحيته.
وقد شارك شوقي في هذه الحركة وعبر عنها أصدق تعبير في قصيدة طويلة بدأها بالنسيب فقال:
أئن عنان القلب واسلم به ... من ربرب الرمل ومن سربه
ومن تثنى الغيد عن بأنه ... مرتجة الأرداف عن كثبه
ظباؤه المتكسرات الظبا ... يغلبن ذا اللب على لبه
بيض رقاق الحسن في لمحة ... من ناعم الدر ومن رطبه
إلى قوله:
يا ظبية الرمل وقيت الهوى ... وإن سعت عيناك في جلبه
ولا ذرفت الدمع يوماً وإن ... أسرفت في الدمع وفي سكبه
هذى الشواكي النجل صدن امرأ ... ملقى الصبا أعزل من غريه
صياد آرام رماه الهوى ... بشادن لا برء من حبه
قد شاب في أضلعه صاحب ... خلو من الشيب ومن خطبه
واه بجنبي خافق، كلما ... قلت تناهى، لج في وثبه
فأنت ترى بالرغم من أن الموضوع الذي نظم فيه القصيدة موضوع سياسي بحت، إلا أنه سار على سنن من قبله من الشعراء الأقدمين؛ فبدأ قصيدته بهذا النسيب مهد لموضوعه الذي نظم من أجله القصيدة فقال:
ما بال القوم اختلفوا بينهم ... في مدحة المشروع أو ثلبه
كأنهم أسرى، أحاديثهم ... في لين القيد وفي صلبه
يا قوم هذا زمن قد رمى ... بالقيد واستكبر عن سحبه