صلاح أمرك للأخلاق مرجعه ... فقوم النفس بالأخلاق تستقم
ولكن ما هي الأخلاق؟ إنها شيء أساسي وضروري لإيجاد التوافق الاجتماعي، وهذا هو الذي يحدد معناها. وبمقدار صلاحية الأخلاق في إيجاد هذا التوافق يكون مقدار ما يجب على الناس أن يتمسكوا به. إن تطور المجتمع يؤدي إلى تغير المستويات الخليقة وتطورها، ذلك أنها بمضي الزمن تصبح غير صالحة للغرض الذي وجدت من أجله أي غير صالحة لإيجاد التوافق الاجتماعي، ولذلك يجب أن لا يتمسك الناس بها وبهذه النظرة إلى الأخلاق نستطيع التخلص من إطارها الحديدي وسلطانها الديكتاتوري.
ومعنى ذلك أننا لا نهتم بالأخلاق في حد ذاتها بقدر ما نهتم بالروح الأخلاقية نفسها. يجب أن يهتم رجال التربية بإيجاد تلك الروح الأخلاقية حتى تصبح أساساً يحدد الإنسان بواسطة الأخلاق التي يجب أن يتخلق بها ليكون عضواً عاملاً ناجحاً في الحياة. ولكن معنى ذلك أن الأخلاق ليست ذات قيم ثابتة في الحياة لأننا لا ننادي بتطور معناها وتغيره، وإنما بتطور طريقة تناولها والفهم لها والعمل بها.
وما دمنا قد أبرزنا أهمية تنمية الروح الأخلاقية فلابد من الكلام عن أهمية الدين. ذلك أن الأديان السماوية هي التي تحض على الأخلاق القويمة فضلاً عن أن الإنسان متدين بطبيعته فهو مضطر إلى التفكير في الصلة التي تربطه بالكون، ولذلك يجب أن تحتل التربية الدينية مكانها اللائق باعتبارها أساساً تنهض عليه الأخلاق القويمة التي لا تتم بدونها التربية الاجتماعية التي تساعد على نجاح عملية التربية.
وتنظر رسالة المربي إلى التربية الدينية نظرتها إلى التربية الخلقية. وبهذه النظرة يمكن التحرر من ديكتاتورية التربية الدينية التي قيدت حرية التفكير الإنساني بسلاسل من حديد كما حدث في المجتمع الصليبي خلال العصور الوسطى.
وكما تقودنا التربية الاجتماعية إلى الاهتمام بالتربية الخلقية والتربية الدينية فهي كذلك تقودنا أيضاً إلى الاهتمام بالتربية البدنية. ذلك أن العلاقة بين الجسم والعقل وتأثير كل منهما في الآخر من القوة بحيث يؤدي إهمال أحدهما إلى أضعاف الآخر. ولما كان غرضنا من الاهتمام بالتربية الاجتماعية إيجاد التوافق بين أفراد المجتمع حتى يسير وينمو، لذلك يجب أن نعتني بأفراد ذلك المجتمع لا من الناحية العلمية أو الخلقية أو الدينية فحسب، بل