وهم عاطف أن يعود فيصرخ في وجهه بما عرف من أمره وسوء تدبيره، ولكنه كظم الغيظ على ألم وضيق.
وتلاقيا بعد أيام، وكانت القدر ما تزال تغلي؛ فعلا الزبد يترشش مصرحاً عن غضب مغيظ. . وافترق الرجلان على خصومة وعداء. . .!
ودق عاطف باب المحكمة لعلها أن تحمل زوجته على (الطاعة)
أين هي المسكينة؟ وعلى طاعة هي أم على عصيان؟ إنه لم يرها إلا مرسومة في ورقة، أتراها في الأحياء، أم هي من وراء جدران سجنها جثة بلا روح، وجسد بلا عاطفة، وطاعة بلا إرادة، ومعدة بلا وجدان. .!
ويحك أيتها المسكينة! أتشعرين أنك في الأحياء؟ لعل في الموتى من هم أقرب منك إلى الحياة، لأنهم يعيشون من عواطف أهليهم في عواطف حية وحب مشبوب. .!
وفي المحكمة رأى الفتى عروسه لأول ما يراها، وقد جاءت تسعى عن أمر أخيها تطالب زوجها بالنفقة والكسوة والمأوى!
ياللسخرية! أضاق بها أخوها طاعمة كاسية من مالها عند! فيدفعها إلى القضاء تلتمس القوت واللباس. .!
وكان بينهما ما يكون دائماً بين زوجين يعرفان المحكمة الشرعية؛ وفي كل يوم بينهما جلسة للقضاء، وكل منهما يفتن في الكيد والإغاظة، والغالب منهما من ينال من صاحبه من غير عائدة عليه، والمال يتسرب من بين أيديهما للمحامي والكاتب ورسوم الدعاوى وأجر الشهود. .!
وامتدت بينهما الفتنة، ولجت بهما الخصومة، وطالت إجراءات التقاضي، وتصرمت سنوات. وأخذ الزوج المسكين يبيعما يملك قطعة بعد قطعة، وفاء لنفقة الزوجة ونفقة القضاء؛ وأوشك الزوج الذي راح يطلب الغنى من تحت أقدام امرأة أن تصفر يداه. . .!
واصطلحا في النهاية على الطلاق. . .!
قال المأذون:
(وقلت للفتاة: أأنت على نية إبرائه رغبة في الطلاق؟
وزاغت نظرة الضحية العذراء من هنا إلى هناك، حتى استقرت على الرجل الجالس