شك أن المسرح يرحب بإنتاجه ويضعه في الصف الأول من كتابه، وأسجل له هنا - مع الغبطة والإعجاب - تلبيته لنداء المجتمع وأداء واجب الفن نحوه.
وقد أخرج المسرحية الأستاذ زكي طليمات، ولست أدري ماذا أقول في هذا الرجل الدائب على خدمة المسرح العربي بكل رقته وجهده وفنه، هذا الرجل الذي يربط بين المسرح الراقي والأدب الرفيع في الوقت الذي نرى فيه عوامل كثيرة تحاول أن توهن هذا الرابط وتميل بفن التمثيل نحو الإسفاف وصناعة التسلية الخاوية.
والحديث عن إخراج المسرحية يكاد يظلمه ضيق المقام، وقد جرى الأستاذ زكي طليمات على مذهبه الإيحائي بالمناظر والإضاءة والأصوات والمجموعات (الكومبارس) فكان موفقاً كدأبه في تصوير جو الرواية، سواء المشاهد منها وما يلمح وراء الأحداث، وهذا يقابل ما يسمى في فن الكتابة (ما بين السطور).
ثم أجمل ملاحظاتي على التأليف والإخراج فيما يلي:
المسرحية تهدف إلى معالجة القضية المصرية وقد حددت فيها ملامح هذه القضية وتحديدا ظاهرا، وروح الدعابة والملح مصري، ومع ذلك قيل إن جحا يعظ الناس في الكوفة ويتولى القضاء في بغداد، ولو أغفل ذكر هاتين المدينتين ما ضر ذلك شيئا.
٢ - في المنظر الأول يقول جحا للناس وهو يعظهم: سبحوا الله واستغفروه. فيقولون: لا إله إلا الله: والتسبيح هو قول سبحان الله، والاستغفار: أستغفر الله. وقد مر ذلك بالمؤلف والمخرج والممثلين جميعا، ولم يلتفت إليه أحد منهم!
٣ - أرى أن دخول أم الغصن على زوجها جحا في مجلس القضاء والمشادة التي حدثت بينهما و (ردح) الزوجة لزوجها لم يكن كل ذلك لائقاً، وكان مقحماً وحشوا
وقد أجاد الممثلون والممثلات في أداء أدوارهم، وخاصة سعيد أبو بكر (جحا) ونعيمة وصفي (أم الغصن) وعبد الرحيم الزرقاني (الحاكم الأجنبي) وصلاح سرحان (حماد) وعدلي كاسب (والي الكوفة) وسميحة أيوب (ميمونة) وظهر عبد الغني قمر في دور قصير هو دور عالم ينافس جحا، فكان موفقاً في أدائه، وأحب أن أقول لعبد الغني: ليس المهم أن يأخذ الممثل دوراً كبيراً في الرواية، بل أن يكون في دوره الملائم له. ومثل (الغصن) شاب جديد هو عبد المنعم إبراهيم فكان مثار المرح والفكاهة في الرواية كلها، وقد دل هذا الشاب