للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ترغب في التكفير فإني لا أستطيع مطلقاً أن أفعل لك شيئا.

(فتنهد الرجل وقال وقد انحنى رأسه في ذله - يا إله السماوات. إن هذا نفس ما يقوله لي كل قس. ولا يوجد من أستطيع أن أعترف له، ولابد لي من الاعتراف. خبرني يا صاحب النيافة ماذا يهمك لو قلت لك مرة أخرى. . .

(وعندئذ أخذ يرتعد كما ارتعد من قبل. فصحت في دهشة وغضب.

- لماذا لا تفضي بما يجيش في صدرك إلى أي إنسان آخر؟

(فأجاب وقد قطب حاجبيه في اكتئاب - ويكون من جراء ذلك أن يشي بي.

(ثم صاح في غضب - فلتذهب إلى الجحيم.

(وغادرني وقد أفصح مظهره عن مقدار يأسه.

(ومنذ ذلك الوقت لم أره مطلقاً.

* * *

وقال الدكتور بادم المحامي: إن قصتك لم تنته بعد. ففي ذات يوم - وكان ذلك منذ بضع سنوات - حضر إلى مكتبي رجل شاحب الوجه، ناكس الرأس. وفي الواقع، لم أعر مظهره اهتماماً يذكر. وعندما طلبت منه الجلوس وسألته عن شأنه، أخذ يحدثني قائلاً - استمع إلي. إذا طلب منك أحد المترددين عليك استشارة سرية وأخبرك أنه قد ارتكب وزراً مثل. . .

فقاطعته قائلاً - إن طبيعة عملي تمنعني من استخدام سره في غير مصلحته.

فقال الرجل وقد ارتاح لحديثي: إذن فكل شيء على ما يرام. . هناك ما أود أن أفضي به إليك. منذ أربعة عشر عاماً. .

ولقد حدثني يا صاحب النيافة بمثل ما حدثك به، أخذ يفضي بمكنونات صدره وكأنه يكاد يختنق بها. وكان عرقه فياضاً، ووجهه قاتماً. وكانت عيناه مغمضتين. وبدا لي كما لو أنه قد غثيت نفسه، فصار يقذف من فمه بكل ما احتواه عقله من أسرار تقلق راحته. وأخيراً سمعته يتنهد ثم مسح شفتيه بمنديله.

وصحت قائلاً: يا إلهي! ليس في الوسع عمل أي شيء لك. . ولكن إذا أردت نصيحتي، نصيحة رجل يسديها إلى رجل مثله. .

<<  <  ج:
ص:  >  >>