عادلاً بين طرفين متنافرين هما التفريط والإفراط، ويسمى المعلم الأول: التهور شجاعة البهائم، وهو الذي ينسب إلى الله الحكمة الإلهية (بينما على المرء أن يتحلى بالحكمة الإنسانية). وعلى العموم فأن آفاق أر سطو كلها بعيدة الأقطار عالية الأبعاد رفيعة الأهداف، مما جعله ينفرد بالقمة دون السابقين واللاحقين من فلاسفة الشرق والغرب على السواء
وجاء من بعده عشاق اللذة وطلاب المنفعة، وتذرعوابمبدأ (ولك الساعة التي أنت فيها)، وما كان ذلك ليمنع من ظهور أصحاب الأخلاق العالية في شتى العصور، وقد أجمعوا على طلب (المثل الأعلى) والتسامي بالنفس عن سفاسف الأمور، وكان الإسلام كالمنارة بين الخير والشر في ظلمات الحياة، وذلك بقول العلي المتعال (ولله المثل الأعلى)
وقدم الأحيائيون لعلماء النفس ثمرات طيبة أفادت كثيراً في المجال السيكولوجي بل في الأخلاق. وأكثر من هذا كله في النظرة الكونية العامة، فإن أصحاب النشوء والارتقاء إنما يدعون إلى التفاؤل، ويحثون على التقدم
وبناء على نشوء الكائنات الحية وارتقائها في سلم الحياة نراها تهدف إلى تكامل الجهاز العصبي، وذلك لا يتم إلا إذا انتهى هذا الجهاز إلى المراكز العليا للمخ، ومقتض هذا التطور تترتب الكائنات من الدنيا إلى العليا
تأثر السيكولوجيون بهذه الروح التقدمية العامة ففرقوا بين الإدراك والوجدان والنزوع، كما وقفوا على خصائص الغريزة، وقالوا بأنها لا يمكن القضاء عليها، بل الباب مفتوح على مصراعيه للتقدم الإنساني تبعاً لإمكان إعلائها، وتعلية السلوك
ونرى هذه الروح العالية تسود بقية العلوم بما لها من مبادئ عليا، ففي المنطق يعتبر المحسوس سافلاً والمجرد عاليا، وفي المقولات ما هو عال ومنها ما هو سافل وفي علم الفيزيقا تمييز واضح للأشعة فوق البنفسجية. وهناك (ما بعد الطبيعية) وهي الفلسفة العليا، وفي الجغرافيا دراسة للطبقات العليا من الجو
وفي علوم الرياضة اصطلاحات خاصة مثل: الترتيب التصاعدي والتنازلي، والبسط والمقام، وأكبر وأصغر. وكان اليونان قديماً يعتبرون العدد عشرة أكمل الأعداد. على أن البساطة هي غاية الرياضة، لهذا فهي ارتفاع من الأعداد والأشكال إلى الرموز؛ أي من