الجامعة ودار البحث في هذا الاجتماع حول أحسن الوسائل التي ينبغي اتخاذها لخدمة القضية الوطنية في الخارج والداخل، واستعرض المجتمعون بعض الوسائل التي تتخذ في هذا السبيل، ومنها الاتصال المباشر بهيئات التدريس في الجامعات الأجنبية، ومنها قيام الأساتذة بإلقاء محاضرات تذكى الحماسة الوطنية في المدرجات الجامعية وغيرها
ويقال إن محطة الإذاعة المصرية تعمل الآن على تغيير برامجها وإعداد برامج تناسب الحركة الوطنية الحاضرة وقد بدأنا فعلاً نسمع منها شيئاً من ذلك، أقله جديداً، وأكثره قديم، وكل ذلك حسن، ولكن الذي تخشاه أن ينقلب الأمر إلى وعظ ممجوج، وخطابة يذهب أثرها مع الريح، وتهريج مسف مبتذل
نريد أن تستغل المواهب الممتازة والعقليات الناضجة في تقديم إنتاج جيد، في محاضرات تقوم على الحقائق وتبصر بدقائق الأمور، وفي فن يستميل القلوب ويعرف الطريق إلى مداخل النفوس
إن هذا الحشد من الأناشيد التي تحفظه الإذاعة لتعيده على الأسماع في كل مناسبة، لم يعد صالحاً للعمل، لأنه سخيف في تأليفه وتلحينه وإلقائه وقد مجته الأسماع من كثرة التكرار والترديد، وقد بدأت الإذاعة تلقيه على رؤوسهم كالحجارة، ونرجو أن تسبدل بهذه البضاعة المملولة جديداً موفقاً
وكم أود أن أتعلق بالتفاؤل ورجاء الخير فيما ستقدمه الإذاعة من جديد، وإن كنا نرى فيما بدأت تذيعه بعض الإسفاف الذي رجونا أن نبتعد عنه، فقد سمعت في إحدى تمثيلياتها أخيراً، رجلا قروياً يقول لزوجته:
(وبعدين يا مبروكة في الجماعة الإنجليز أولاد الـ. . . . دول!)
الحرية في الأدب العربي:
ومن أحسن ما سمعته من الإذاعة في هذا الظرف، حديث للأستاذ محمد رفعت فتح الله عن (الحرية في الأدب العربي) بدأه قائلاً: (الحرية وما هيه؟ فتنة القرون الخالية، وطلبة النفوس العالمية، غذاء الطبائع، ومادة الشرائع، وأم الوسائل والذرائع، بنت العلم إذا عم، والخلق إذا تم، وربيبة الصبر الجميل والعمل الجم. . .)
وقد استرعى انتباهي هذا الأسلوب الأدبي المحتفل له، وأعجبني منه قوته مع سهولته،