للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كان قبل أن يحب يؤمن بان الحياة بما فيها من شقاء وملل لا تستحق أن يحياها إنسان. فلما أحب، وأيقظ الحب شعوره الراكد، وحرك حسه الجامد، ورفعه إلى أعلى مدارج السعادة الروحية، أصبح يرى أن الحياة، لفرط ما فيها من لذة سامية، يخشى عليها أن يعكر صفوها حدث من الحدثان في عالم الغيب، لذلك يريد أن يموت في أوج سعادته، قبل أن يفاجئه الغد المشئوم، ويفحمه في حبه. . .

رفائيل ولا مارتين:

الرومانتيكية تبحث قبل كل شيء عن (الذاتية). فإذا كتب كاتب فإنما يعبر عن دفين أسراره، وإذا رسم فنان فهو يعبر عن خلجات نفسه واضطرابات حسه. . . ولا مارتين، عندما صور بطل قصته، فقد صور فيه نفسه: نفسه التي تنزع إلى المثالية في العاطفة والزهد في الحياة والتصوف في العبادة. . . وعشق كل ما هو جميل في الكون

السأم، والتألم الهادئ:

الصفة الغالبة على كل شخصية رومانتيكية هي: السأم الفطري الذي لا سبب مباشر له، والتألم الهادئ الرقيق. . . ورفائيل مثلاً في مقتبل العمر وشرخ الصبا لم يصبه من الصدمات ما يبرر عزوفه عن العمل، ويأسه من كل شيء وابتعاده عن الناس في شيء من القسوة على نفسه والى أقرانه. . . ولكن هي الطبيعة الرومانتيكية تأبى إلا أن يكون صاحبها إنسانا يمتاز بالحزن الدائم والتشاؤم وفقدان كل أمل. . .

وليس الحزن الرومانتيكي بالحزن الصارخ القبيح، بل هو ضرب من الألم الوجداني الهادئ. . . ألم شاعري رقيق، يجلب العطف ويمسح على الشخصية صبغة مميزة جميلة. . . وأما الحب الذي ربط بين قلب رفائيل وقلب صاحبته (جوليا) التي هي صورة أخرى من الشخصية الرومانتيكية الممثلة في رفائيل، فقد كان حبا مثالياً اقرب إلى ما يسميه الإغريق بالحب الأفلاطوني، والعرب بالحب العذري

أهم صفات هذا الحب الرومانتيكي:

التفاني:

<<  <  ج:
ص:  >  >>