والجندي المناضل في نضاله دائما إلى نيل إحدى الحسنين: إما فوز يكسب أمته العزة والشرف والفخار، ويسبغ عليها نعمة العزة والحرية والمجد، وأما إستشهاد في سبيل الحق، يخلد في الحياة الدنيا ذكراه أجمل تخليدا، ويجعله في الحياة الأخرى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا:
(ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون - ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم. ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون. يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون. وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن. ومن أوفى بعهده من الله، فأستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به. وذلك هو الفوز العظيم - والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم. سيهديهم ويصلح بالهم. ويدخلهم الجنة عرفها لهم.)
أما المتخلفون عن ميدان النضال، المتنكبون طريق الشهامة والمروءة والرجولة، فقد ندد بهم الإسلام كل التنديد، لأنهم رضوا بالحياة الدنيا من الآخرة، ولأنهم بخلوا بأنفسهم، وأدخروها لحياة فانية تعبث فيها وتلهو، وآثروا القبوع في مساكنهم على إدراك البطولة، وإرتداء تاج التضحية والتفاني، كانوا إذا دعوا إلى النضال تثاقلوا مزريا، وأنتحلوا أوهى الأعذار، ليقعدوا عن ركب المجد المزمع إلى الكفاح في سبيل أسمى الغاليات:
(ياأيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم إنفروا في سبيل الله أثاقلتم إلى الأرض، أرضيتم بالحياة الدنيا مت الآخرة؟ فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل. إلا تنفروا يعذبكم عذابا اليما، ويستبدل قوما غيركم، ولا تضروه شيئا، والله على كل شيء قدير - فرح المخلفون بمعقدهم خلاف رسول الله، وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، وقالوا لا تنفروا في الحر، قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا بفقهون - فليضحكوا قليلاً، وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون - إنما السبيل على الذين يستأذنوك وهم أغنياء، رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون. يعتذرون اليكم إذا رجعتم اليهم، قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم، قد نبأنا الله من أخباركم، وسيرى الله عملكم ورسوله، ثم تردون إلى