القاعدة الدائمة، والحرب هي الإستثناء). ولكن الإسلام (يستبعد الحروب التي تثيرها العصبية العنصرية) أو (العصبية الدينية بمعناها الضيق. . كراهية الأديان الأخرى) كما (يستبعد الحروب التي تثيرها المطامع والمنافع: حروب اإستعمار والإستغلال والبحث عن الأسواق والخامات، وإسترقاق المرافق والرجال) ويستبعد أيضا تلك (الحروب التي يثيرها حب الأمجاد الزائفة للملوك والأبطال، أو حب المغانم الشخصية والأسلاب). . فما هو ذلك النوع من الحرب، الذي يستثنيه الإسلام من قاعدته الدائمة: السلام؟
نترك ذلك للمؤلف في كتابه، كما نترك ما يطوف حول موضوع السلام والحرب في الإسلام من شبهات وظنون، ومخاوف وأقاويل
قد يسأل القارئ، لماذا وضع المؤلف ذلك الكتاب. .؟ ولمن يقدمه من الناس.؟ ونعتقد أن الجواب يدلي به المؤلف نفسه في أخريات الفصل المعقود بعنوان (العقيدة والحياة) الذي جعله مطلعا لكتابه، حيث يجيب في أخرياته من ثنايا قوله (ولقد كنا نتجنى على عقيدتنا الضخمة. . أنها لا تسعفنا بالحلول العملية امواجهة الحياة العصرية ومشكلاتها وبخاصة في الحقل الإجتماعي والحقل الدولي. فأما الحقل الإجتماعي فقد صدرت فيه عدة مؤلفات تكشف الحلول العملية التي يملك الإسلام أن يوجه بها الحياة. . وأما الحقل الدولي، فربما كان العمل فيه قليلاً، ولم تشرح هذه الناحية بعد شرحاً كافياً، وأمامنا اليوم مشكلة السلام العالمي التي تواجهها البشرية جميعاً. ونواجهها نحن ضمناً. فهل للإسلام فيها رأي؟ ولها عنده حل؟
هذا الكتاب كله هو الإجابة التفصيلية على هذا السؤال. . وفي سبيل هذه الإجابة، وفي سبيل تحديد (طبيعة السلام في الإسلام) وتفصيلها، يقيم المؤلف هذه الطبيعة، ويشيد ذلك السلام، ويبني كتابه على عمد أربعة (سلام الضمير، وسلام البيت، وسلام المجتمع، وسلام العالم) فبدون واحد من هذه العمد لا يتحقق اللام في نظر الإسلام، بل ولا يستقيم للآخر موقف، ولا يستقر له مكان (فالإسلام يبدأ محاولة السلام أولا في ضمير الفرد، ثم في محيط الأسرة. . ثم في وسط الجماعة. . وأخيرا. . يحاوله في الميدان الدولي بين الأمم والشعوب)
وفي سبيل (سلام الضمير) حيث (لا سلام لعالم ضمير الفرد فيه لا يستمتع بالسلام) وفي