أما معاهدة سنة١٩٣٦ فقد يروقك أن تعلم - وأنت الذي صفقت اليوم لإلغائها - أن لودويغ قال فيها:(إنها اتفاق لا يحقق جميع آمال المصريين لأن الإنجليز سيقضون سنين طويلة لإنشاء بضع ثكن، ولأن الجلاء عن القاهرة لا يؤدي إلى الجلاء عن قناة السويس. ومع ذلك تسير مصر لتستقل هي والسودان، ويتوقف كل شىء في السنوات الآتية القليلة على أحد البلدين يظهر فيه القطب السياسي الأعظم اقتدارا، وسيعرف هذا السياسي كيف ينتفع بالحرب القادمة لحل تلك المسألة) لقد قدمت للقارئ لودويغ وصافا مبدعا للحيوان والنبات، للشعوب والعادات، للأحداث والأحوال، ولكنني أحب أن أقول أنه وصف السدود - كسد أسوان - وقارن بينها وبين سدود العالم، ووصف الأقنية والري وحقا لا يستطيعه غير مهندس ري قدير. . .
وفي أثناء ذلك كله يحرص لودويع على استيفاء عنصر المقارنة والتشبيه، فيقارن بين محمد ونابليون مثلا، ويقارن بين زغلول وعرابي، ويحرص فيما يحرص على عنصر الحكاية الشائقة فيلذ لك أن تقرأ قصة بلقيس وملوك الحبشة، وتروقك حكاية الفرعون أمازيس الذي يعزل القضاة اللذين برءوه في فتائه لأنهم صدقوه مثبتا جهلهم. . . ويكافئ من حكموا عليه في شبابه لما أبدوه من فطنة. . . ويأمر بصب طشت من ذهب كان يغسل فيه رجليه وأن يصنع منه تمثال للرب. . . ويبجل الندماء هذا التمثال ويخبرهم أمازيس بأنه صنعه من الطشت الذي كان يبصق فيه. .) وتروقك حكاية النصرانية في مصر ودور القديسين بولس وأنطوان. . . وقد يدهشك أن تعلم أن ملك الحبشة عرض الزواج من الملكة فيكتوريا، وأن حربا نشبت على أثر الرفض، وأن تيودور ملك الحبشة لم يلبث حتى انتحر. . . وسيأتيك في الكتاب حديث النجاشي منليك في معركة عدوى، وحديث شامبليون الدءوب، وطرائف عن محمد علي في السودان ومقتل ابنه وما كان من أمر محمد المهدي والتعايشي ومقتل غوردون وحملة كتشنر ومقتل الخليفة ونبش قبر المهدي وقصة مارشان وفاشودة
وتروقك كثيرا وأنت تقرأ الكتاب لفتاة للودويغ بارعات وتعليقات طريفات وأحكام تشفي الصدور، فإذا تحدث عن الزنوج قال. (إنهم يجهلون أن الرجل في أوربة لايحق له أن يتزوج أكثر من امرأة واحدة ولكنه ينال زوج جاره بلا جزاء على حين يمكن الزنجي هنا