للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

اعتماده على المهارة أكثر من اعتماده على الروح الفنية. . يمكن أن تبدع فيه العبقرية الأمريكية. . ومع هذا فما يزال الفلم الإنجليزي والفرنسي والروسي والإيطالي أرقى من الفلم الأمريكي، وإن كان أقل صناعة ومهارة.

والكثرة الغالبة من الأفلام الأمريكية تتجلى فيها بدائية الموضوع، وبدائية الانفعالات، وهي في الغالب أفلام الجريمة البوليسية، وأفلام رعاة البقر. أما الأفلام العالية البارعة من أمثال: (ذهب مع الريح) و (مرتفعات وذرنج) و (ترتيل برنادوت) وما إليها فهي قليلة بالقياس إلى النتاج الأمريكي. وما يرد من الفيلم الأمريكي إلى مصر أو البلاد العربية لا يمثل هذه النسبة، لأن الكثير منه من أرقى الأفلام الأمريكية النادرة. والذين يزورون دور العرض في أمريكا هم الذين يدركون تلك النسبة الضئيلة من الأفلام القيمة.

هنالك فن آخر برع فيه الأمريكان، لأن ما فيه من المهارة في الصناعة والإنتاج، أكثر مما فيه من الفن العالي الأصيل. . ذلك هو فن تمثيل المناظر الطبيعية بالألوان، كأنها فوتوغرافية صادقة دقيقة. ويبدو هذا في متاحف الأحياء المائية والبرية، إذ تعرض هذه الأحياء أو أجسادها المحنطة في مثل مواطنها الطبيعية كأنها حقيقية، وتبرع ريشة الرسام، في تصوير هذه المواطن، مشتركة مع التصميم الفني للمنظر، وتبلغ حد الإبداع

ثم ندع تلك الآفاق العليا في الفن والشعور، لنهبط إلى ألوان الملابس وإلى مذاق الأطعمة.

إن بدائية الذوق لا تتجلى في شيء كما تتجلى في تلك الألوان الصارخة الزاهية، وفي تلك التقاسيم المبرقشة الكبيرة وبخاصة ملابس الرجال. . . ذلك السبع أو النمر الواثب على صدر الصدرية. . وذلك الفيل أو الثور الوحشي الجاثم على ظهورها. تلك الفتاة العارية الممددة على رباط العنق من أعلى إلى أسفل، أو تلك النخلة الصاعدة فيه من أسفل إلى أعلى. . .

لطالما تحدث المتحدثون عندنا عن (فستان العيد) في الريف، أو عن ثوب العروس في القرية، بألوان الزاعقة البدائية، التي لا تربط بينها رابطة، إلا أنها كلها فاقعة الألوان. . ليت هؤلاء يرون معي أقمصة الشبان في أمريكا لا ملابس الفتيات!

ولطالما تحدث المتحدثون عن (الوشم) عند الغجر، أو في أواسط أفريقية، ليتهم يرون الشبان الأمريكان وصدورهم وظهورهم، موشمة بالوشم الأخضر: ثعابين وحيات، وفتيات

<<  <  ج:
ص:  >  >>