(الدقة) في التعبير. . إلى آخر ما طلب لك في هذا المقام. .
وأنا يا سيدي الأستاذ لم أنف السببية عن الفاء العاطفة، فقد قلت إنها فاء العطف وأنا أقصد أنها ليست فاء السببية التي يعدها النحاة من الأدوات التي ينصب المضارع بعدها بأن مضمرة إذا سبقت بطلب أو نفي، فالذي يهمنا من الفاء في موضوعنا إنما هو أثرها في الإعراب.
ولنعد عن كل ذلك، على ما فيه. . لنصل إلى محور الموضوع، وهو نصب الفعل (يدخلون) في كلام الدكتور طه حسين على ما ترى، ورفعه. على ما أرى. إنك خطأت رفعه في مقالك الأول لأنه - كما توهمت - واقع بعد (فاء السببية) فلما عرفت أن فاء السببية لا ينصب بعدها الفعل إلا إذا سبقت بنفي أو طلب (بغض النظر عن فهمك للطلب من حيث أنه غير جامع لما ذكرت من الأمر والنهي. . الخ).
لما عرفت ذلك من ردى أو من شيخك بعد أن قرأت هذا الرد. . حورت المسألة إلى وضع آخر، إذ قلت إنك متفق معي على أن الفاء عاطفة وإنما الخلاف في المعطوف عليه ورجحت العطف على (يضحكوا). . فأنت إذن قد رجعت عما قلت أولا بعد أن عرفت خطأه وإن كنت لم تعترف بذلك. . ثم حاولت أن تتمادى في التخطئة على وجه آخر أو على (قفا) شيخك. . واحتكمت إلى أن فاء العطف تفيد الترتيب والتعقيب وليكن، أليس إدخال الفصول على الصحف واقعا بعد الإرادة وعقبها؟ أما إذا جعلنا (يدخلون) معطوفا على (يضحكوا) فإنه لا يتصور الترتيب والتعقيب بينهما لأن الإدخال يسبق الضحك لا العكس.
ولا أكتم عنك يا سيدي الأستاذ شعوري بأنني أوضح أمورا واضحة، ولكن ما حيلتي؟ ونسبت يا سيدي الأستاذ إلى بعض النحاة مالا ينبغي أن ينسب إلى نحاة، إذ قلت إن هذا (البعض) لم يرضه تعليل الرفع في قول الحطيئة (يريد أن يعربه فيعجمه) لأن العطف يكون على أقرب الفعلين. . كأن هذا البعض يريد أن يعطف (يعجمه) على (يعربه) فيكون المعنى أو (اللا معنى) يريد إعرابه فإعجامه. . أي يريد الضدين معا! ومن أين أتيت يا سيدي بهذه القاعدة:(العطف يكون على أقرب الفعلين) وماذا تقول في هذا المثال: (يريد الكتاب أن يخطئ غيره فيخطئ هو) هل (يخطئ) معطوف على (يخطئ) فيكون المعنى