والأمير طومان باي بقية صالحة من خلاصة الأمراء الشجعان الذين شهدت البلاد منهم مواقف نبيلة جليلة. ألا رحم الله، ازدمر الدوا دار، وقرقماش الأنا بكي، وطرا باي رأس نوبة النوب، وبارك لنا في طومان باي الدوا دار الكبير، وسودون العجمي أتابكي الوقت. . . إنه رجل طيب كريم. .
المستوفي: أجل! إن سودون رجل طيب القلب كريم. . ولهذا استضعفه السلطان وأنقص من إقطاعه مائتي فدان. وقبل ذلك سلخ منه أراضي يقدر ثمنها بنحو عشرين ألف دينار. وكذلك صنع مع بعض الأمراء. . .
الشاعر: ربما. .! وقد أقمنا طيلة أيام الأهرام كأننا نسبح في أحلام. . في أواسط ذي القعدة نزل السلطان من القلعة في ركب حافل يتقدمه الأمير طوماي باي، وعدد كبير من الأجناد بخيولهم ذات السروج الذهبية، وكثير من الأمراء، منهم أقباي الأمير أخور الثاني، وكرتباي وإلى القاهرة الجديد، وجم غفير من الخاصكية والسلاحدارية. وغطى السلطان رأسه بتخفيفته الصغيرة. ولم يلبس التخفيفة الكبرى ذات القرون. واتجه ركبه إلى اطفياس مارا بالصليبة، ثم يمم شطر الأهرام فنصب له هناك وطاق فخم. وشمر الطهاة ومدت الموائد الحافلة، ثم غنى المغنون بأصوات تشيع الطرب في النفوس البائسة، ومعهم آلاتهم وأعوادهم، ومنهم محمد بن عوينة وجلال السنطيري والبوالقة وأبن الليموني.
كان الجو رائعاً والسماء صافية، والهواء جافاً معتدلاً لا يغري بالتمتع، وبعد يومين رحل السلطان إلى الفيوم لتفتيشها ولإصلاح جسورها، وبخاصة جسر اللاهون، وفرض على المقطعين بها ضرائب للإصلاح، واختار لمباشرة هذا العمل الأمير أرزمك الناشف. .
أما نحن فقد أقمنا في سفح الأهرام ريثما يعود السلطان وقد عاد محملاً بهدايا لا تحصى قدمها إليه مشايخ العربان واعيان البلاد منها آلاف الدنانير، ومئات من الضأن والخيل والبقر وأقفاص الدجاج والأوز، ولا قاه الخليفة المتوكل على الله، بدهشور لأنها بلدته وقدم إليه كثيراً من عتاق المهار، وسمين الغنام والأبقار والأطيار، وقدوراً من العسل وجراراً من اللبن. . .
ولما بلغ السلطان وطاقه خف إليه كثير من الأمراء والعلية والقضاة فاحتفوا بمقدمه، ومن ثم أخذ يعيد عهد الأندلس مرة أخرى. .