ذهباً. وهو نتيجة مصادارته الظالمة لأموال الناس. احتازه أعوانه منهم عنوة. . . وتركوهم صادين شاكين باكين يكتمون الشكوى في صدورهم، وتكتبون البكاء في مآقيهم. . . وإن يكن اللهو ضرورياً فبمقدار، وماذا يجدينا نزول السلطان إلى قبة يشبك، أو مواكبه في الميدان، أو سموه بالمقياس، أو لعبه الكرة على الخيل، أو تفرجه وبصراع الفيال ونطاح الثيران وسباق الكلاب ونهاش الصقور، وسماع البلابل، إذا كان العثمانيون والصفويون واقفين له والمصريين بالمرصاد. .؟
ألا تحفظ قول الشاعر:
ملك يعيش كحالم في نومه ... لاه بطيب العيش في أحلامه
والبؤس خيم في الرعية لا ترى ... فيها مكانا كف من آلامه
وغدا يرى أعداءه من حوله ... فيفيق رعباً بعد طول منامه
لهفان يبحث عن بقية حلمه ... ويد العدو تحول دون مرامه
لهفان يبحث ثمالة كأسه ... محطومة كرها على أكمامه
والملك يمحوه النعيم وإنما ... يبقيه هذا من صمصامه
الشاعر: صدقت! وقد خاطبتني من الناحية التي تهتاج قلبي؛ غير أني رأيت لسلطاننا الغوري محاسن أحببت أن تشاركوني فيها وفي تسجيلها، على طريقة شيخنا ولي الدين.
ولي الدين: الغوري سلطان كريم القلب جم المحاسن يميل إلى إحقاق الحق، حسن الإيمان، أديب عالم؛ يناقش العلماء والفقهاء. بر متواضع آمر بالمعروف ناه عن المنكر، يهش للعظة ألم تسمعوا بنزوله إلى قبر الأشرف قابتباي، والعادل طومان باي، وغيرهما، فقرأ الفاتحة وفرق الصدقات. .؟
علم الدين الخياط: وأين هذا يا مولانا من جلوسه بالميدان، وقد تفتح ورده الأبيض الجميل، فطفق يرمي كل أمير بوردة، فيلثمها ويقبل له الأرض. .؟
ولي الدين الفقيه: هكذا يا أخي تكون حياة السلاطين والعظماء. لابد فيها من هذا النبل في المعاملة، وهذا التعاطف السامي والأدب الرفيع، وإلا أصبحت هي وحياة السوقة سواء بسواء، حياة جافة جافة يابسة لا تشرف أمة ولا ترفع شعباً.
الخياط: ألا تشعر يا مولانا الشيخ أن مثل هذه الحوادث غفلة عن الزمان وتقلباته وبطأ عن