للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ريبة الشعب لأنها بعضه، وهي ترضى دائما أن تختفي وراء الحاكمين، ما بقيت في أيديها مقاليد الأمور. وهؤلاء إن كانوا شراً على أمنهم، فشرهم على علاقات ما بين الأمم أكبر.

ولكن الرأسمالية غير ذلك إذا كانت رأسمالية شعوب، وكان لكل فرد من أفراد الأمة فيها نصيب. يعملون جميعاً للإنتاج، ويقفون جميعاً صفاً واحداً عند التقسيم. فهذه هي الاشتراكية وإليها يجب أن يتجه الفكر العربي، وأن يتمسك بها مبدأ. أما إنفاذها فدونه الجهاد المر الطويل

المساواة في التعليم وفرصه

ومن المساواة التي ابتدعتها المدينة الحاضرة، المساواة في التعليم وفرصه. بل هي جعلت التعليم إجبارا لبضع سنين. وسمته إلزاميا، وسمته أوليا. والتعليم على الإجبار لا يكون إلا مجاناً، فجعلته مجاناً

وكان التعليم قبل ذلك في سائر الأمم، وفي سائر المدنيات وعلى القرون، مقصوراً على فئة قليلة من الناس. ثم أراد الله بهذه الفكرة الجديدة؛ فكرة نشر التعليم وتعميمه، أراد لها أن تنبت في الغرب من أوربا، عند انشقاق الكنيسة. رأى المنشقون - البروتستانت - أن خلاص الشعب الديني لا يكون إلا بالوصل المباشر بينهم وبين الله عن طريق إنجيله. وإذن لا بد من القراءة. وإذن لا بد من التعليم، فأخذوا ينشرون التعليم وعن طريقه يبشرون. وقام الكاثوليك يعارضون نشراً ينشر وتبشيراً بتبشير، وفتح المدارس بفتح المدارس. وتألف اليسوعيون جماعات كان لها في هذا الميدان بأس جديد. وجاءت الديمقراطية فرأت أن تنشر التعليم، كما رأت الكنيسة بشقيها، ولكن لغير تلك الأسباب. رأت الكنيسة نشر التعليم بين الشعوب ليكون سبيلهم إلى السماء أهدى؛ ورأت الديمقراطية نشر التعليم لتكون الهداية على هذه الأرض. وتنازع الطرفان أمر التعليم. تنازعته الكنيسة والدولة. وغلبت الدولة آخر الأمر

وجاء القرن التاسع عشر، واكتمل، فإذا التعليم قد عم في أكثر الأمم الناهضة

ولا أظن أن أحداً يريد أن يسألني ما موقف الفكر العربي من هذا الكسب الجديد من مكاسب المدينة الحاضرة

إنه ليس دليل على حاجة الشرق العربي إلى التعليم، يكون إلزامياً، ويكون عاماً، كمحاربة

<<  <  ج:
ص:  >  >>