١ - فقصيدة شوقي أشبه ما تكون بخطبة رسمية تلقى في حفل عام، فيها أولاً من الخليفة السابق، ومدح الجيش المنتصر ثانياً ثم هنأ السلطان الجديد بالخلافة ثالثاً، وأعلن اغتباط مصر والعالم الإسلامي به رابعاً! وليس ذلك بمستغرب من شاعر يعبر عن روح القصر الخديوي، ويتلقى وحيه الشاعري من الحاشية والبلاط. أما قصيدة ولي الدين فهي ترجمة أمنية لعواطفه، وتصوير شامل لابتهاج المخلصين، بزوال العهد الغاشم، دون أن يتقيد فيها بوجهة نظر خاصة، والشاعر الطليق يجد من اتساع المجال ما لا يحده المرهق بالقيود والأثقال. . .
٢ - كان شوقي يسير على القتاد في قصيدته فهو يدعو إلى التسامح والإغضاء عن مستبد جارم لا يعقل أن يتسامح معه الناس ويلتمس الأعذار لطاغية سقطت أعذاره، وشاعت في الملأ مثالبه ومخالبه. وطبيعي ألا يجد من الحجج ما يسعفه ويقوي دفاعه، وعلى النقيض منه كان ولي الدين ممتلئ اليدين بأداته وبراهينه، هذا غير شعوره المبهج بانتظار آرائه، وتحقيق آماله وأشواقه
٣ - بلغ شوقي القمة حسين تكلم عن الفانيات في قصر الخليفة، وما كان لهن من عظمة ودلال، وما أسدل فوقهن من بهجة وبهاء، ورسم ألواحاً بديعة للسرور الزائل والنعيم السالف، بينما بلغ ولي الدين القمة في ناحية مضادة، إذا استسلم لخواطره الحزينة فأسمعنا إحسانا مشجية تدمع على الضحايا الأبرياء، والصرعى الشهداء، وطاف بخياله على الأجساد الثاوية بين الجنادل والصخور، والزهور المضرجة بدماء شبيبتها الزاهرة، واليتامى البائسين من الصبية والأرامل. ولأنه ليستنزل الدموع الحبيسة من المآقي الشحيحة إذ يقول: