للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأهان إبراهيم حليم باشا مدير الإقليم المتظاهرين إذ تحداهم أن يكون بينهم رجل فضربوه بالنعال. وقد شتت الجند المتظاهرين وقتلوا منهم ١٢ شخصا.

وفي طنطا قامت مظاهرة كبيرة في ١٢ مارس وسار المتظاهرون في أنحاء المدينة حتى إذا وصلوا محطة السكة الحديدية، انهال عليهم الجند البريطانيون بنيران مدافعهم فسقط ستة عشر قتيلا.

وفي ١٦ مارس قتل أحد المارة بسبع طلقات من مدفع رشاش بريطاني وقتل الإنجليز غلاما ضربا بالسنج. وما أشبه الليلة بالبارحة!

وثارت شبين الكوم وكفر الشيخ وسمنود والمحلة والمنصورة وميت غمر والزقازيق. وعلى الجملة انتشرت الثورة في سائر أنحاء الوجه البحري مدنه وقراه.

ولم يكن الوجه القبلي أقل استجابة لنداء الوطن من الوجه البحري بل كانت الثورة أشد في الوجه القبلي؛ فقد قامت المظاهرات في الفيوم والمينا وأسيوط وقنا وأسوان وجرجا، وكان طابع الثورة العنف، وسقط في هذه المظاهرات كثير من الشهداء الأبرار. وقد بلغ عدد شهداء مصر حتى ١٥ مايو ١٩١٩ ألفا، وقد ذكر هذا الإحصاء المستر هار مسورث وكيل وزارة الخارجية البريطانية وعلق عليه قائل (إن هذا شيء فظيع هائل)!

ومع هذا لم تضعف مصر بل ظلت تقاوم وتبذل دماء أبنائها كريمة في سبيل حريتها واستقلالها.

قطع المواصلات:

كان أول ما اتجه إليه تفكير المتظاهرين الثائرين هو قطع طرق المواصلات حتى لا تستطيع القيادة البريطانية أن تبعث بقواتها إلى سائر أنحاء القطر للتنكيل بالأبرياء.

وكانت أول حادثة من هذا النوع هي قطع الطريق الحديدي بين تلا وطنطا وكان ذلك في ١٢ مارس وما لبثت الفكرة أن انتقلت إلى سائر أنحاء القطر فقطعت الخطوط الحديدية الرئيسية التي تربط القاهرة بالوجه القبلي وبالإسكندرية وبور سعيد. ولم يقتصر التخريب على السكك الحديدية ولكنه امتد إلى أسلاك البرق والتلفون. وفي ١٤ مارس أصدرت القيادة البريطانية الأمر التالي:

(جناب القائد العام للقوات في القطر المصري يحذر الجمهور أن كل من يتلف مواصلات

<<  <  ج:
ص:  >  >>