يستطيع المغنون المبدعون الآن الشدو بما قاله الأولون؟ أليس هذا دليلا على أن أوزان الشعر الماضية لم تكن تصلح مادة للغناء حاليا؟ ولو أن شعراء الأندلس كانوا يعرفون أن الأوزان القديمة تصلح للغناء في زمانهم لما استنبطوا الموشحات، وأنت أدرى بلا شك بما وصل إليه شعراء الأندلس من التفنن في الأوزان والخروج عن قواعد العروض. فهل بعد هذا يجوز قولك أن الشعر العربي من امرئ القيس إلى الناصري غنائي؟ أنا أعيذك يا سيدي من هذه الطرقة. . مع العلم بأن الشعر العربي عرف كل ألوان الشعر الأشعر الملاحم والمسرحيات، غير أنه وقف حائرا أمام الغناء حتى جاء على محمود طه)
وأقول للأستاذ الصديق: أنني لم أفهم غير مراده، ولو أنني لم (أتسرع) ومكثت أتأمل كلامه إلى الآن لما خرجت منه إلا بأن الشعر العربي لم يعثر على شاعر عربي غنائي بعد امرئ القيس إلا على محمود طه. . فإذا كان هذا غير المراد فما هو المراد إذن. .؟
وأراد الأستاذ الناصري أن يدلل على ما قال، فتساءل عما حواه كتاب الأغاني من شعر مغنى: هل يصلح للغناء! وأقول نعم قد فعلا وإلا ما غنى. وهل ينفى صلاحه للغناء أن المغنين الحاليين لايغنونه؟! وهل هم لا يغنونه؟ ألم يسمع الأستاذ الأغانى المختارة من الشعر العربي - الذي عاش أصحابه بين امرئ القيس وعلى طه - يغنيها عبد الوهاب وأم كلثوم وغيرهما ومن هذه الأغاني قصائد شوقي التي قيلت فيما بين امرئ القيس وعلى طه. .
ولست أدرى لماذا اختار الأستاذ امرأ القيس دون سائر الشعراء في عصره وما بعده! وماذا يجعل شعر امرئ القيس غنائيا وشعر بن أبي ربيعة مثلا غير غنائي. .؟
ويقول إن الأوزان الماضية لا تصلح للغناء الآن. وأنا أسأله: ألست تنظم على هذه الأوزان؟ وأنت باعترافك الشاعر الغنائي الثالث في الشعر العربي بعد امرئ القيس وعلى طه، بل (أنتم الثلاثة) شعركم على هذه الأوزان، فكيفتطيع الغناء في شعركم وتستعصي عليه في شعر غيركم. .؟
وكيف علمت أن شعراء الأندلس استحدثوا الموشحات لعدم مطاوعة الأوزان القديمة للغناء؟ أو لم يغن الأندلسيون شعرا على تلك الأوزان؟
ثم تقول - يا صديقي - أن الشعر العربي عرف كل ألوان الشعر إلا شعر الملاحم