للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وحدث أن ألقى اللورد كرزون وزير خارجية بريطانيا إذ ذاك أجوبة عن أسئلة وجهت إليه في مجلس العموم بشأن الحالة في مصر فقال إن الحالة أقل خطورة من ذي قبل، وأطرى موظفي الحكومة المصرية ورجال البوليس والجيش لإخلادهم إلى السكينة وحسن سلوكهم. وأستنتج من سلوكهم أن صفوة المتعلمين والعقلاء في مصر ليسوا في صف الحركة الوطنية. وإزاء هذا التصريح أحرج الموظفون واضطروا وقد طعنوا في وطنيتهم إلى تقديم احتجاج على تصريحات كرزون وقرروا الإضراب عن عملهم ثلاثة أيام وقدموا عرائض الاحتجاج إلى السلطان وإلى معتمدي الدول الأجنبية ونفذوا قرارهم.

وقد ظلت الاضطرابات قائمة، وحاولت السلطة العسكرية إصلاح الخطوط الحديدية. ولما أصلح الخط الحديدي الرئيسي بين القاهرة والإسكندرية وقنال السويس حرم السفر إلا بترخيص من السلطة العسكرية.

وقد نزل الجنود البريطانيون في مختلف أنحاء القطر سواء لإصلاح الخطوط الحديدية، أو القضاء على الاضطرابات، أو للمحافظة على النظام، فارتكبوا فظائع تقشعر منها الأبدان وتنبو عنها النفوس.

العزيزية والبدر شين:

قريتان من قرى مديرية الجيزة كانتا تنعمان بالراحة والسكون. وفي الهزيع الأخير من ليل ٢٥ مارس أو حوالي الساعة الرابعة من صباح ذلك اليوم انقض نحو مائتي جندي إنجليزي على القريتين وأحاطوا بهما وقصدت شرزمتان صغيرتان منهم منزلي كل من عمدتي القريتين شاهرين أسلحتهم وطلبوا من العمدتين تسليم ما لديهما من سلاح، فسلم أحدهما مسدسا كان عنده، وأما الثاني فلم يكن لديه سلاح. ومع هذا انقض العساكر داخل المنزلين واقتحموا غرف النساء غير مبالين بما في هذا العمل من خروج على الآداب والأخلاق، واضطر النساء إلى الاختفاء تحت الأسرة. ولم ينس القراصنة الاستيلاء على ما وجد من مال وحلي، بل إنهم زادوا فجذبوا النساء من شعورهن وانتزعوا حليهن. وبلغت بهم القسوة أن أحدهم مزق أذن سيدة وهو يسلب قرطها.

وبعد تفتيش داري العمدتين أنتقل الجنود إلى دور مشايخ البلدتين وقاموا بالتفتيش وبالسلب والنهب المعتادين، ثم أعلن الضباط بعد ذلك أنهم سيضرمون النار في البلدتين (وأنه

<<  <  ج:
ص:  >  >>