للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الغائب النائي الذي لفه الردى ... ففاض حنانا وهو في زفرة النحب

غريب حريب لا يقر قراره ... إلى أن نرى في الخلد جنبا إلى جنب

فما الشعر إلا أبن المدامع والأسى ... تجود به الأجفان غربا إلى غرب

إذا خاطب الأرواح رفت بشاشة ... ولو أنها في وحشة المهمه الجدب

يظل حداء الركب ترمي به النوى ... فينسيه ما يلقاه من مسلك صعب

نشاوي وما ملوا غناء ولا سرى ... ولا تعبوا أو قال قائلهم حسبي!

فيالك صداحا ويالك شاعرا ... تفرد بالتحنان والنغم العذب

أرأيت إلى هذه (الأكليشيهات اللفظية) المكررة في هذه القصيدة وفي القصيدة السابقة؟!. . إنها (أكليشيهات) تطالعك كثيرا في شعر هذا الشاعر، وهي من (لوازم) التعبير التي تكشف لك عن شخصية الأديب أو الشاعر ولو حججت تلك الشخصية وراء الأستار!. . (المدمع السكب)، والدمع الذي تجود به الأجفان (غربا إلى غرب)، و (الأنجم الشهب)، و (المسلك الصعب)، و (المهمه الجدب)، و (زفرة النحب)، و (بات بلا لب)، و (الأمل النهب)، وفي الحب أو في الخلد (جنبا إلى جنب)، وتلك أو الذي (يقول له حسبي)، وذلك (التحنان والنغم العذب). . إلى آخر تلك (الأكليشيهات) المحفوظة على طريقة تلاميذ المدارس، والتي يمكنك أن تجد الكثير منها بلحمه ودمه في قصيدة أخرى نشرت (للآنسة) هجران على صفحات الرسالة، وهي القصيدة التي رثت بها (أختها) الشاعرة المصرية الراحلة، الآنسة ناهد طه رحمها الله!!

عيب الأستاذ الشاعر أنه ضعيف الذاكرة، ولو لم يكن ضعيف الذاكرة لما نسي أن وظيفتي الفنية هي النقد، وان النقد من عاداته أن يرفع الستر عن الأشياء الدفينة. . لقد سطا الأستاذ في جرأة بالغة على شعر الآنسة هجران، ولم يتحرج من أن يحيى الشاعر جورج صيدح بهذا الشعر المسروق!

ليصدقني القراء إنني لم اكن أنتظر أن يسطو هذا الشاعر المعروف على شعر هذه الشاعرة الناشئة. . ق يدافع هو عن نفسه فيقول لنا بصوته الطبيعي الذي لا تشويه رقة الغانيات: هذا اتهام جائر لأن الشعر شعري هنا وهناك، سواء نظمته من وراء الأستار أم نظمته في وضح النهار. . عندئذ لا يسعنا إلا أن نعتذر للأستاذ أنور شوقي أو للآنسة هجران

<<  <  ج:
ص:  >  >>