للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وعبر بأفعالها وأقوالها عن المنطق الاستعماري أبلغ تعبير. . ولقد سار المؤلف على ذلك في رسم الشخوص الأخرى. . كالعمدة؛ وجندي البوليس، وشيخ البلد، وشيخ الخفر. أما شخصية عبد الرازق وعادل فإنهما ترمزان لجيلين؛ ولهذا كان المؤلف ملتزما في تصويره لهما. ولقد قيد هذا الالتزام حريته في التصوير فغلبت عليهما النموذجية، وذلك حتى لا تبعد الصورة عن الرمز. وكان الجانب الإنساني بارزا في تصوير الأم لتأرجحها بين العاطفة والواجب. . والطابع العام في رسم الأشخاص هو الصدق في التصوير والتعبير، والتفكير.

. . . والبناء في مثل هذه المسرحية (الملتزمة) يعد من أصعب الأمور على المؤلف المسرحي، لأنه عامل أساسي في التأثير على المشاهد، ونقل التجربة النفسية إليه وإذا اهتز البناء في يد المؤلف، فالمسرحية أما أن تصبح عرضا مسرحياً، أو تميل إلى الخطب المنبرية. وسنحاول هنا أن نستعرض بناء المسرحية لنرى إلى أي حد وفق المؤلف فيه. .

. . فالمنظر الأول يمثل حياة الأسرة في الإسماعيلية. . ولقد بدأه المؤلف بداية مثيرة ليغمر المشاهد في الجو العام للمسرحية. . فابرز عادل وأعوانه يتآمرون في الظلام على جنود الاستعمار. . واستخدم التعارض بين موقف الأم والأب بالنسبة لابنهما في جذب انتباه المشاهد، وتسليط الأضواء على السر الذي يطويه عبد الرازق. . وفي نهاية المنظر جعل عبد الرازق يفصح عن السر في تشجيعه لابنه على محاربة الإنجليز. . فبدأ انتباه المشاهد يتجه إلى التفكير في العلاقة التي بين عبد الرازق وبين دنشواي. . وأصبح مشوقا إلى معرفتها. .

وفي المنظر الثاني يتغير الجو. . والزمن. . والأحداث. . ويرى المشاهد أشخاصا غير الأشخاص الذين رآهم في المنظر الأول. . وقرب منتصف المنظر يبدو عبد الرازق في ثوبه الريفي. . فيسترعي النظر لاختلاف حالته في الإسماعيلية عن حالته في دنشواي. ويصور المؤلف بدء العلاقة بين عبد الرازق ورزقة. . وقرب ارتباطهما بالزواج. . ثم يمهد المؤلف للمأساة حتى لا يفاجأ بها الجمهور. . فيذكر على لسان أحد الأشخاص أن فرقة إنجليزية عسكرية بالقرية. . ثم يأتي جندي البوليس فيخبرنا بان الجنود يصطادون الحمام. . ثم يشب الحريق في أحد الأجران. . ثم يضرب المؤلف ضربته الأخيرة فيعرض أحد الجنود وهو يصطاد الحمام فيخطئ الهدف ويصيب أم محمد. . وفي هذا المنظر كان

<<  <  ج:
ص:  >  >>