المؤلف تبرير ذلك بان يذكر عبد الرازق أن عطية اخبره بزيارة والده لسلوى. . وبهذا يستقيم بناء هذا المنظر.
. . . والمنظر الأخير من المسرحية يصور قصة اختفاء عادل أثناء هجومه على المعسكر البريطاني. ولقد لعب المؤلف فيه بقلب المشاهد وجعله حائراً بين الأمل في عودة عادل، واليأس من هذه العودة، وكنا نفضل أن تنتهي المسرحية بعودة عادل. وذلك لأن نسف عبد الرازق للمنزل على نفسه وعلى أعدائه كان سريعاً وبعيداً عن الطبيعة. . فكان في مقدوره أن يشعل فتيل الديناميت ويفر مع الذين فروا وبهذا يثأر لنفسه، وينتصر على أعدائه.
. . . ومن هذا العرض يمكننا أن نخرج بنتيجة عامة. . هي أن المسرحية تكاد تكون كاملة من حيث البناء لولا بعض الهنات التي بيناها في مواضعها. . وبهذا وفق المؤلف التأثير على المشاهد بهذه الصورة الحية الصادقة التي تمثل حياتنا العامة بها فيها من آلام وآمال.
ولقد كان المؤلف موفقاً في تصوير الأجواء المختلفة للمسرحية؛ فهو في الإسماعيلية يصور ذلك الجو الرهيب الذي يعيش فيه أهلها. . وفي الريف يجسم في صدق النفسية الريفية بما فطرت عليه من بساطة وبراءة وطهر. .
أما حوار هذه المسرحية فواقعي، بساير في واقعيته البيئات المختلفة للأشخاص. . وكان الحوار مساوقاً للحركة المسرحية، وبهذا خلت هذه المسرحية من النعمة الخطابية التي تغلب على المسرحيات التي تعالج موضوعاً قومياً.
وبعد. . فهذه مسرحية جريئة في موضوعها وبنائها، حاولنا أن نبرز للقارئ خطوطها الفنية. . ومؤثراتها النفسية، ونرجو أن نكون قد وفينا مؤلف هذا العمل الضخم حقه، ليتابع خطواته الفنية الناجحة. ولقد اخرج هذه المسرحية الأستاذ زكي طليمات ولقد حقق بالمناظر الإطار المادي للمسرحية في بيئاتها المختلفة. . مستخدما في ذلك الرمزية في بعض المناظر. . والواقعية المجسمة في البعض الآخر. . ويجدر بنا أن نسجل للمخرج بروزه في منظر الجرن. . حيث بدت المنازل الريفية في بساطتها. . والأفق من ورائها. . وكذلك منظر المشنقة الضخمة. . الذي يمثل طغيان الظالم وتجبره بهذه المشنقة الضخمة. . ولقد أستغل الأضواء في أحياء الأجواء النفسية. . وحرك المجموعات في مشهد المؤامرة، ومشهد الجرن، والمحاكمة في براعة فبدت حركاتها طبيعية.