ب - الرغبة المستترة في أعماق النفوس التي تدفع الإنسان إلى الفخر، والبحث عن التقدير والإحساس بالاعتبار وأن له أهمية في هذا الوجود. فالإنسان إذا فقد التقدير الذي يريده في الحاضر فلا ضير عليه أن ينسبه إلى نفسه أو إلى أجداده في الماضي. والماضي قد مضى وأندثر، فمن السهل إدخال الزيادة والنقصان عليه، ولفه في إطار جميل معجب.
جـ - سنة الحياة التي تتدرج بالإنسان من طفولة لاهية مرحة، إلى شيخوخة عاجزة عابثة، فالحياة تتدرج من سهل لين خال من المسؤلية، إلى جهم مثقل بها. فالإنسان يجب أن ينطوي على نفسه ليجتر الأيام الخالية اللاهية.
د - طبيعة الخيال الإنساني الذي يفتن ضمن ما يفتن في رسم صور الماضي زاهية يعكس عليها رغبات الإنسان وآماله التي تنقصه في عالم الحقيقة. والخيال من طبيعته التكبير والتهويل، فالرجل الطيب قديس، والملك العادل أبن الله، والفارس الشجاع بطل مغوار ومحارب قهار. يفتح المدن وحده والديار. وهكذا. . وأمامك من ذلك آلاف الأمثلة؛ فمن هو عنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي؟ ألم يكونا بطلين شجاعين عاديين؟ ولكن انظر ماذا جعلت منهما الأساطير في أذهان المنطوين. وما حقيقة الأولياء والقديسين؟ ألم يكونا إلا بشرا مثلنا؟ ولكنهم بالغوا في التقوى، وأتوا قوة مهما تبدو خارقة معجزة. فهي لا تؤهلهم بحق للمكانة التي يحتلونها في صدور مقدسيهم الذين ينسبون إليهم من الأعمال كل جليل، حتى أنهم قد يؤلهونهم! وما هي حقيقة أكثر الآلهة القديمة؟ ألم تكن إلا أرواح الأسلاف والأجداد عبدها أبناؤهم في صورة آلهة، كما يقرر أكثر علماء الاجتماع
٢ - انتهازيون
وهؤلاء انكبوا على الحاضر وحده، فلم يلتفتوا إلى الوراء، ولم ينظروا إلى الأمام، بل هم أبناء وقتهم. وشعارهم ما مضى فات والمغيب أمر، ولك الساعة التي أنت فيها فإطفاء نار شهواتهم مقصدهم، وأخذهم من اللذة ولو على أي نحو وبأي سبيل أو في نصيب ومن الألم أقل قدر غايتهم وأمنيتهم. وضيق الأفق وبلادة الحس وعدم تقدير الوجود صفاتهم.
٣ - منفتحون
وهم هؤلاء الذين يسيطر عليهم الشعور بالمستقبل، فهم يعلقون عليه آمالهم، ويطيلون النظر